ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[16 - 09 - 06, 12:05 ص]ـ
هذا المقال الرابع في سلسلة مقالات الإمام السيد عبد الرحمن بن محمد الباقر الكتاني المتوفى رحمه الله عام 1401، نرد به على كلب الكاثوليك البابا بنيدكت الغبي، الذي غفل حتى عن تعظيم ملوكه لخير الخلق صلى الله عليه وآله وسلم.
قال رحمه الله تعالى:
عظمة الرسول في مجلس ملك الروم
حدث أبو سفيان بن حرب أن هرقل ملك الروم سأله عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أول ما سأله عنه: أن قال: "كيف نسبه فيكم؟ ". قلت: "هو فينا ذو نسب". قال: "فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ ". قلت: "لا". قال: "فهل كان من آبائه من ملك؟ ". قلت: "لا". قال: "فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ ". قلت: "بل ضعفاؤهم". قال: "أيزيدون أم ينقصون؟ ". قلت: "بل يزيدون". قال: "فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ ". قلت: "لا".
قال: "فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ ". قلت: "لا". قال: "فهل يغدر؟ ". قلت: "لا؛ ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها؟ ". قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة. قال: "فهل قاتلتموه؟ ". قلت: "نعم". قال: "كيف قتالكم إياه؟ ". قلت: "الحرب بيننا وبينه سجال؛ ينال منا وننال منه". قال: "ما ذا يأمركم؟ ". قلت: "يقول: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم. ويأمرنا بالصلاة والصدق، والعفاف والصلة ... ". الحديث. رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما.
البيان
شهدت السنتان السادسة والسابعة من الهجرة حدثين هامين؛ أولهما: صلح الحديبية. وثانيهما: بعث رسائل نبوية إلى ملوك الروم وفارس وغيرهما، تتضمن دعوتهم إلى الدخول في الإسلام. والحدث الثاني نشأ عن الأول.
ولما وصلت الرسالة النبوية إلى هرقل ملك الروم، الملقب بقيصر، أحدثت اهتماما كبيرا في البلاط الملكي، شمل الملك ووزراءه، وكبار مملكته.
وأول تصريح أدلى به الملك في شأنها قوله: "هذا كتاب لم أسمع بمثله". وأول عمل قام به في الموضوع: هو إصدار أمره العاجل لصاحب شرطته بما يأتي: "قلب الشام ظهرا لبطن حتى تأتي برجل من قوم هذا؛ أسأله عن نشأته". ومن الصدف الغريبة: أن زعيم قريش وزعيم أعداء نبي الإسلام في ذلك الوقت: أبا سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وُجد بمدينة غزة الفلسطينية، المعدودة من بلاد الشام، وجد في ذلك الظرف العصيب بالذات، ففوجيء بهجوم مدير الشرطة عليه وعلى ثلاثين قرشيا كانوا معه يبيعون ويشترون في أسواق الشام الكبرى.
فأخذهم معه إلى القصر الملكي بإيلياء "بيت المقدس"، ولما حظوا بمقابلة الملك وهو واضع تاج الملك على رأسه، وحوله عظماء الروم من بطارقة وقسيسين ورهبان، ورحب بهم، ودعا ترجمانه فقال: "أيكم أقرب نسبا بهذا الذي يزعم أنه نبي؟ ". فقال أبو سفيان: "فقلت: أنا أقربهم نسبا". وزكى قوله هذا جميع القرشيين الحاضرين. وإنما قال ذلك؛ لأنه ابن عمه – أخي أبيه – ولم يكن في الركب أحد من بني عبد مناف غيره. وخص هرقل الأقرب؛ لأنه أحرى بالاطلاع على أمورها ظاهرها وباطنها، أكثر من غيره. ولأن الأبعد لا يؤمَن أن يقدح في نسبه، بخلاف الأقرب. كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري".
ولما سمع هرقل مقالة أبي سفيان قال: "ادنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره". وقد بذلك إبعادهم عن مواجهته ليكذبوه إن كذب، كما نبه عليه الواقدي رحمه الله.
ثم قال لترجمانه: "قل لهم: إني سائل عن هذا الرجل، فإن كَذَبني (بتخفيف الذال المعجمة. أي: نقل الكذب)؛ فكذِّبوه". فقال أبو سفيان: "والله لولا الحياء من أن يأثروا علي ويرووا عني كذبا؛ لكذبت عنه". فأثبت أبو سفيان بهذه المقالة شناعة الكذب في المجتمع العربي، وفرار العرب الأقحاح من إلصاق هاته الشناعة بهم. وجرت الأسئلة والأجوبة على المنوال التالي:
الملك: "كيف نسبه فيكم؟ ".
أبو سفيان: "هو فينا ذو نسب".
الملك: "فهل قال هذا القول فيكم أحد قط قبله؟ ".
أبو سفيان: "لا".
الملك: "فهل كان من آبائه من ملك؟ ".
أبو سفيان: "لا".
الملك: "فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ ".
أبو سفيان: "بل ضعفاؤهم".
الملك: "أيزيدون أم ينقصون؟ ".
أبو سفيان: "بل يزيدون".
الملك: "فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ ".
أبو سفيان: "لا".
¥