تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ج - الاجتهاد في قراءة القرآن:

سأذكرك يا أخي هنا بأمرين عن حال السلف الصالح:

كثرة قراءة القرآن.

البكاء عند قراءته أو سماعه خشوعاً وإخباتاً لله تبارك وتعالى.

كثرة قراءة القرآن:

شهر رمضان هو شهر القرآن، فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته، وقد كان من حال السلف العناية بكتاب الله، فكان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلّم يختم القرآن كل يوم مرة، وكان بعض السلف يختم كل سبع، وبعضهم كل عشر، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرءوها في عير الصلاة، وكان قتادة يختم كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة،وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان والأماكن المفضلة فيها تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه عمل غيرهم كما سبق.

البكاء عند تلاوة القرآن:

لم يكن من هدي السلف هذا القرآن هذ الشعر دون تدبر وفهم، وإنما كانوا يتأثرون بكلام الله عز وجل ويحركون به القلوب، ففي البخاري عن عيد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:" اقرأ علي " فقلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟! فقال:" إني أحب أن أسمعه من غيري "، قال فقرأت سورة النساء حتى إذا بلغت (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) (النساء: 41)، قال " حسبك " فالتفت فإذا عيناه تذرقان. وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت {أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون} (النجم:59،60) فبكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم حسهم بكى معهم، فبكينا ببكائه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:" لا يلج النار من بكى من خشية الله "، وقد قرأ ابن عمر سورة المطففين حتى إذا بلغ {يوم يقوم الناس لرب العالمين) (المطففين:6) فيكى حتى خر، وامتنع من قراءة ما بعدها، وعنمزاحم بن زفر قال: صلى بنا سفيان الثوري المغرب فقرأ حتى بلغ (إياك نعبد وإياك نستعين} بكى حتى انقطعت قراءته، ثم عاد فقرأ الحمد.

وعن إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت فضيلاً يقول ذات ليلة وهو يقرأ سورة محمد،وهو يبكي ويردد هذه الآية: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم} (محمد:31) وجعل يقول: ونبلو أخباركم، ويردد وتبلوا أخباركم، أن بلوت أخبارنا فضحتنا وهتكت أستارنا، إنك إن بلوت أخبارنا أهلكنتا وعذبتنا، ويبكي.

د - الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس:

كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا صلى الغداة ـ أي الفجرـ جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس (أخرجه مسلم) وأخرج الترمذي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال:" من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة " (صححه الألباني) هذا في كل الأيام، فكيف بأيام رمضان؟

فيا أخي المسلم ـ رعاك الله ـ استعن على تحصيل هذا الثواب الجزيل بنوم الليل، والاقتداء بالصالحين، ومجاهدة النفس في ذات الله، وعلو الهمة لبلوغ الذروة من منازل الجنة.

هـ - الاعتكاف:

كان النبي صلى الله عليه وسلّم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام؛ فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً (أخرجه البخاري)، لالاعتكاف من العبادات التي تجمع كثيراً من الطاعات من نالتلاوة والصلاة والذكر والدعاء وغيرها.

وقد يتصور من لم يجربه صعوبته ومشقته، وهو يسير على من يسره الله عليه، فمن تسلح بالنية الصالحة والعزيمة الصادقة أعانه الله، وأكد الاعتكاف في العشر الأواخر تحرياً لليلة القدر،وهو الخلوة الشرعية، فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف قلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقى له هم سوى الله وما يرضيه عنه.

هـ - العمرة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير