تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال القرطبي:

قال الحسن: ثلة ممن قد مضى قبل هذه الأمة وقليل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, اللهم اجعلنا منهم بكرمك. وسموا قليلا بالإضافة إلى من كان قبلهم, لأن الأنبياء المتقدمين كثروا فكثر السابقون إلى الأيمان منهم, فزادوا على عدد من سبق إلى التصديق من أمتنا.

ويدل لصحة هذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قوله تعالى: {ثلة من الأولين وثلة من الآخرين} بعدما أخبر أن أمته هي تشكل نصف أهل الجنة, فدل على أن الآخرين هم أمته.

ذكر الخبر في ذلك:

ما جاء في مسند البزار: حدثنا عباس النرسي قال نا يزيد بن زريع عن قتادة عن الحسن والعلاء بن زيادة عن عمران بن حصين قال تحدثنا عند رسول الله ذات ليلة حتى أكرينا الحديث ثم تراجعنا إلى البيوت فلما أصبحنا غدونا إلى النبي فقال عرضت علي الأنبياء الليلة بأتباعها من أممها فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة من قومه والنبي معه العصابة من قومه والنبي معه النفر من قومه والنبي ليس معه من قومه أحد حتى أتى علي موسى بن عمران في كوكبة من بني إسرائيل فلما رأيتهم أعجبوني فقلت رب من هؤلاء قال هذا أخوك موسى بن عمران ومن تبعه من بني إسرائيل قلت رب فأين أمتي قيل أنظر عن يمينك فإذا الظراب ظراب مكة قد سد بوجوه الرجال فقلت رب من هؤلاء قيل لي أمتك فقيل لي هل رضيت فقلت رب رضيت رب رضيت فقيل انظر عن يسارك فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال قلت رب من هؤلاء قيل أمتك قال فقيل لي هل رضيت قال قلت رب رضيت رب رضيت ثم قيل لي إن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب فأنشى عكاشة بن محصن رجل من بني أسد بن خزيمة فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال اللهم اجعله منهم ثم أنشى رجل آخر فقال يا نبي الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة ثم قال رسول الله فدا لكم أبي وأمي إن استطعتم أن تكونوا من السبعين فكونوا فإن عجزتم أو قصرتم فكونوا من أهل الظراب فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الأفق فإني رأيت ثم ناسا يتهوشون كثيرا ثم قال نبي الله إني لأرجو أن يكون من تبعني من أمتي ربع أهل الجنة قال فكبرنا ثم قال إني لأرجو أن يكونوا الثلث قال فكبرنا ثم قال إني لأرجو أن تكونوا الشطر فكبرنا فتلا النبي {ثلة من الأولين وقليل من الآخرين} فتراجع المسلمون من هؤلاء لا نراهم إلا الذين ولدوا في الإسلام ولم يزالوا يعملون به حتى ماتوا عليه قال فنمى حديثهم إلى النبي قال (ليس كذا ولكنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عبد الله عن النبي إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. وقد قال ابن حجر عن حديث البزار: بسند صحيح.

والحديث بالشاهد منه وهو تلاوته للآية قد أخرجه الطحاوي في المشكل (358). وأخرجه الطبراني, وأخرجه ابن حبان (6431) والرواية التي عند الطحاوي فيها " وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لأرجو ... " وعند البزار وابن حبان والطبراني ليس فيه ذلك, بل الكلام كله متصل. وينتبه إلى أن في غير البزار {ثلة من الأولين وثلة من الآخرين}.

وأخرجه ابن جرير الطبري بإسنادين إلى قتادة بنحوه وفيه قراءته صلى الله عليه وسلم للآية.

وقيل هم الأولين من أمة محمد وهو قول ابن سيرين وروي عن الحسن البصري كذلك واختاره ابن كثير. وروي عن ابن عباس يرفعه: الثلتان جميعا من أمتي. أخرجه ابن عدي وفيه أبان بن أبي عياش وهو متروك. قال الحافظ في تخريج الكشاف: " أبان بن أبي عياش متروك. ورواه إسحق والطبراني من حديث أبي بكرة مرفوعا وموقوفا والموقوف أولى بالصواب وعلي بن زيد ضعيف". وقد اختار هذا القول ابن كثير وضعف القول بأن الأولين من الأمم السابقة محتجا بأن هذه الأمة هي خير الأمم وبالتالي يبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها. ثم جوز احتمالا آخر وهو كون السابقين هنا هم السابقين من كل أمة من صدرها, حيث قال: " ولا شك أن أول كل أمة خير من آخرها, فيحتمل أن تعم الآية جميع الأمم كل أمة بحسبها " انتهى, وهذا قول جيد إذ يتوافق مع عموم الخطاب في الآيات, ولكن يشكل عليه الحديث الذي قدمناه وهو فصل في المسألة إن استقام الاحتجاج به من حيث ثبوت تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم للآيات فيه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير