تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2552 - (إن الله عز وجل أنزل: (و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) و (أولئك هم الظالمون) و (أولئك هم الفاسقون). قال ابن عباس: أنزلها الله في الطائفتين من اليهود , و كانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا و اصطلحوا على أن كل قتيل قتله (العزيزة) من (الذليلة) فديته خمسون وسقا , و كل قتيل قتله (الذليلة) من (العزيزة) فديته مائة وسق , فكانوا على ذلك , حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة , فذلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم , و يؤمئذ لم يظهر و لم يوطئهما عليه و هو في الصلح , فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا , فأرسلت (العزيزة) إلى (الذليلة) أن ابعثوا إلينا بمائة وسق , فقالت (الذليلة): و هل كان هذا في حيين قط دينهما واحد , و نسبهما واحد , و بلدهما واحد , دية بعضهم نصف دية بعض؟! إنا إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا , و فرقا منكم , فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك , فكادت الحرب تهيج بينهما , ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما , ثم ذكرت (العزيزة) فقالت: والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم , و لقد صدقوا , ما أعطونا هذا إلا ضيما منا وقهرا لهم , فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه , إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه. فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله بأمرهم كله و ما أرادوا , فأنزل الله عز وجل: (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا: آمنا) إلى قوله: (و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) , ثم قال: فيهما والله نزلت , و إياهما عنى الله عز وجل).

(فائدة هامة): إذا علمت أن الآيات الثلاث: (و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) , (فأولئك هم الظالمون) , (فأولئك هم الفاسقون) نزلت في اليهود و قولهم في حكمه صلى الله عليه وسلم: " إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه , و إن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه " , و قد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه الآيات فقال: (يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه , و إن لم تؤتوه فاحذروا) , إذا عرفت هذا , فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين و قضاتهم الذين يحكمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية , أقول: لا يجوز تكفيرهم بذلك , و إخراجهم من الملة إذا كانوا مؤمنين بالله و رسوله , و إن كانوا مجرمين بحكمهم بغير ما أنزل الله , لا يجوز ذلك , لأنهم و إن كانوا كاليهود من جهة حكمهم المذكور , فهم مخالفون لهم من جهة أخرى , ألا و هي إيمانهم و تصديقهم بما أنزل الله , بخلاف اليهود الكفار , فإنهم كانوا جاحدين له كما يدل عليه قولهم المتقدم: " ... و إن لم يعطكم حذرتموه فلم تحكموه " , بالإضافة إلى أنهم ليسوا مسلمين أصلا , و سر هذا أن الكفر قسمان: اعتقادي و عملي. فالاعتقادي مقره القلب. و العملي محله الجوارح. فمن كان عمله كفرا لمخالفته للشرع , و كان مطابقا لما وقر في قلبه من الكفر به , فهو الكفر الاعتقادي , و هو الكفر الذي لا يغفره الله , و يخلد صاحبه في النار أبدا. و أما إذا كان مخالفا لما وقر في قلبه , فهو مؤمن بحكم ربه , و لكنه يخالفه بعمله , فكفره كفر عملي فقط , و ليس كفرا اعتقاديا , فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه , و إن شاء غفر له , و على هذا النوع من الكفر تحمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئا من المعاصي من المسلمين , و لا بأس من ذكر بعضها:

1 - اثنتان في الناس هما بهم كفر , الطعن في الأنساب و النياحة على الميت. رواه مسلم.

2 - الجدال في القرآن كفر.

3 - سباب المسلم فسوق , و قتاله كفر. رواه مسلم.

4 - كفر بالله تبرؤ من نسب و إن دق.

5 - التحدث بنعمة الله شكر , و تركها كفر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير