تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و الحديث دليل صريح في أن المقصود بهذه الآيات الثلاث الكفار من اليهود و النصارى و أمثالهم الذين ينكرون الشريعة الإسلامية و أحكامها , و يلحق بهم كل من شاركهم في ذلك و لو كان يتظاهر بالإسلام , حتى و لو أنكر حكما واحدا منها.

و لكن مما ينبغي التنبه له , أنه ليس كذلك من لا يحكم بشيء منها مع عدم إنكاره ذلك , فلا يجوز الحكم على مثله بالكفر و خروجه عن الملة لأنه مؤمن , غاية ما في الأمر أن يكون كفره كفرا عمليا.

و هذه نقطة هامة في هذه المسألة يغفل عنها كثير من الشباب المتحمس لتحكيم الإسلام , و لذلك فهم في كثير من الأحيان يقومون بالخروج على الحكام الذين لا يحكمون بالإسلام , فتقع فتن كثيرة , و سفك دماء بريئة لمجرد الحماس الذي لم تعد له عدته , و الواجب عندي تصفية الإسلام مما ليس منه كالعقائد الباطلة , و الأحكام العاطلة , و الآراء الكاسدة المخالفة للسنة , و تربية الجيل على هذا الإسلام المصفى. و الله المستعان.

و قد مضى الكلام على هذه المسألة الهامة بشيء من التفصيل المفيد إن شاء الله تعالى تحت الحديث المتقدم (2552).

وجوب التمسك بسنته صلى الله عليه وسلم و سنة الخلفاء الراشدين الأربعة ومن سار سيرتهم

2735 - (أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و إن كان عبدا حبشيا , فإنه من يعش منكم بعدي يرى اختلافا كثيرا , فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي , عضوا عليها بالنواجذ [و إياكم و محدثات الأمور , فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة] ").

أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " (ص 136) من طريقين , و في " المعجم الكبير " (18/ 248 / 623) من أحدهما عن أرطاة بن المنذر عن المهاصر بن حبيب عن العرباض بن سارية قال:

وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون , و وجلت منها القلوب , فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله! كأنها موعظة مودع , فقال: فذكره.

قلت: و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات كما بينته في " ظلال الجنة " (رقم 28 و 29) و هو في تخريج " كتاب السنة " لابن أبي عاصم , و الزيادة له , و قد أخرجها هو و أصحاب السنن و غيرهم من طرق كثيرة عن العرباض رضي الله عنه , فانظرها في " الظلال " (26 - 34 و 1037 - 1045) , و " مسند الشاميين " (ص 237 و 276 و 403) و إنما آثرت هذه بالتخريج هنا لعزتها , و شهرة تلك , و بعضها في " الشاميين " (ص 154).

و الحديث من الأحاديث الهامة التي تحض المسلمين على التمسك بالسنة و سنة الخلفاء الراشدين الأربعة و من سار سيرتهم , و النهي عن كل بدعة , و أنها ضلالة , و إن رآها الناس حسنة , كما صح عن ابن عمر رضي الله عنه. و الأحاديث في النهي عن ذلك كثيرة معروفة , و مع ذلك فقد انصرف عنها جماهير المسلمين اليوم , لا فرق في ذلك بين العامة و الخاصة , اللهم إلا القليل منهم , بل إن الكثيرين منهم ليعدون البحث في ذلك من توافه الأمور , و أن الخوض في تمييز السنة عن البدعة , يثير الفتنة , و يفرق الكلمة , و ينصحون بترك ذلك كله , و ترك المناصحة في كل ما هو مختلف فيه ناسين أو متناسين أن من المختلف فيه بين أهل السنة و أهل البدعة كلمة التوحيد , فهم لا يفهمون منها وجوب توحيد الله في العبادة , و أنه لا يجوز التوجه إلى غيره تعالى بشيء منها , كالاستغاثة و الاستعانة بالموتى من الأولياء و الصالحين * (و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) *.

(تنبيه): هذا الحديث الصحيح مما ضعفه المدعو (حسان عبد المنان) مع اتفاق الحفاظ قديما و حديثا على تصحيحه , ضعفه من جميع طرقه , مع أن بعضها حسن , وبعضها صحيح كما بينته في غير ما موضع , و سائر طرقه تزيده قوة على قوة. و مع أنه أتعب نفسه كثيرا في تتبع طرقه , و تكلف تكلفا شديدا , في تضعيف مفرداته , و لكنه في نهاية مطافه هدم جل ما بناه بيده , و صحح الحديث لشواهده , مستثنيا أقل فقراته , منها: " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي " , و ذلك في آخر كتيبه الذي سماه " حوار مع الشيخ الألباني " , و مع أنه لم يكن فيه صادقا و منصفا , فقد كان يدلس على القراء و يكتم الحقائق , و يطعن في الحفاظ المشهورين , و يرميهم بالتساهل و التقليد , إلى غير ذلك من المخازي التي لا مجال الآن لبيانها , و لاسيما و قد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير