تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ابتلي به جماهير المصلين , فقد راقبتهم في جميع البلاد التي طفتها , فوجدتهم يبادرون إلى التأمين , و لما ينته الإمام من قوله: * (و لا الضالين) * , لاسيما إذا كان يمدها ست حركات , و يسكت بقدر ما يتراد إليه نفسه , ثم يقول: آمين فيقع تأمينه بعد تأمينهم! و لا يخفى أن باب سد الذريعة يقتضي ترجيح عدم مشروعية المقارنة خشية المسابقة , و هذا ما دلت عليه الوجوه المتقدمة. و هو الصواب إن شاء الله تعالى , و إن كان القائلون به قلة , فلا يضرنا ذلك , فإن الحق لا يعرف بالرجال , فاعرف الحق تعرف الرجال. ذلك ما اقتضاه التمسك بالأصل بعد النظر و الاعتبار , و هو ما كنت أعمل به و أذكر به مدة من الزمن. ثم رأيت ما أخرجه البيهقي (2/ 59) عن أبي رافع أن أبا هريرة كان يؤذن لمروان بن الحكم , فاشترط أن لا يسبقه بـ (الضالين) حتى يعلم أنه دخل الصف , و كان إذا قال مروان: (و لا الضالين) قال أبو هريرة: " آمين " , يمد بها صوته , و قال: إذا وافق تأمين أهل الأرض أهل السماء غفر لهم. و سنده صحيح.

قلت: فهذا صريح في أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يؤمن بعد قول الإمام: (و لا الضالين). و لما كان من المقرر أن راوي الحديث أعلم بمرويه من غيره , فقد اعتبرت عمل أبي هريرة هذا تفسيرا لحديث الترجمة , و مبينا أن معنى " إذا أمن الإمام فأمنوا .. " , أي: إذا بلغ موضع التأمين كما تقدم عن الحافظ , و هو و إن كان استبعده ابن العربي , فلابد من الاعتماد عليه لهذا الأثر. و عليه فإني أكرر تنبيه جماهير المصلين بأن ينتبهوا لهذه السنة , و لا يقعوا من أجلها في مسابقة الإمام بالتأمين , بل عليهم أن يتريثوا حتى إذا سمعوا نطقه بألف (آمين) قالوها معه. و الله تعالى نسأل أن يوفقنا لاتباع الحق حيثما كان إنه سميع مجيب. و في هذا الأثر فائدة أخرى و هي جهر المؤتمين بـ (آمين) , و ذلك مما ملت إليه في الكتاب الآخر لمطابقته لأثر آخر صحيح عن ابن الزبير , و حديث لأبي هريرة مرفوع تكلمت على إسناده هناك (956) فراجعه.

تحريم المبادرة إلى صلاة السنة بعد الفريضة دون تكلم أو خروج

2549 - (أحسن ابن الخطاب)

أخرجه أحمد (5/ 368): حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الأزرق بن قيس عن عبد الله بن رباح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر , فقام رجل يصلي , فرآه عمر , فقال له: اجلس , فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال البخاري , و جهالة الصحابي لا تضر , و هو أبو رمثة كما في رواية أبي داود (1007) من طريق المنهال بن خليفة عن الأزرق بن قيس به نحوه. و المنهال ضعيف. و للحديث شاهد من حديث معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن لا توصل صلاة بصلاة حتى يتكلم أو يخرج. رواه مسلم و غيره , و هو مخرج في "صحيح أبي داود" (1034).

و الحديث نص صريح في تحريم المبادرة إلى صلاة السنة بعد الفريضة دون تكلم أو خروج , كما يفعله كثير من الأعاجم و بخاصة منهم الأتراك , فإننا نراهم في الحرمين الشريفين لا يكاد الإمام يسلم من الفريضة إلا بادر هؤلاء من هنا و هناك قياما إلى السنة! و في الحديث فائدة أخرى هامة , و هي جواز الصلاة بعد العصر , لأنه لو كان غير جائز , لأنكر ذلك على الرجل أيضا كما هو ظاهر , و هو مطابق لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعد العصر ركعتين , و يدل على أن ذلك ليس من خصوصياته صلى الله عليه وسلم , و ما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس "محمول على ما إذا كانت الشمس مصفرة , لأحاديث صحت مقيدة بذلك. و قد سبق تخريج بعضها مع الكلام عليها من الناحية الفقهية تحت الحديث (200و314).

السنة أن يقتدي المصلي مع الإمام عن يمينه و حذاءه

2590 - (ما شأني (و في رواية: ما لك) أجعلك حذائي فتخنس؟).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير