تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: و هذا إن صح عن ابن المبارك , فهو عجيب من مثل هذا الإمام , فإن الحديث ليس فيه الإخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي قبل الزوال .. و إنما فيه أن الصحابة أو بعضهم كانوا إذا صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر , يشكون هل زالت الشمس أم لا , و ما ذلك إلا إشارة من أنس إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان يصليها في أول وقتها بعد تحقق دخوله كما أفاده الشيخ السفاريني في " شرح ثلاثيات مسند أحمد " (2/ 196) و نحوه ما في " عون المعبود " (1/ 467):

" أي: لم يتيقن أنس و غيره بزوال الشمس و لا بعدمه , و أما النبي صلى الله عليه وسلم فكان أعرف الناس للأوقات , فلا يصلي الظهر إلا بعد الزوال , و فيه الدليل إلى مبادرة صلاة الظهر بعد الزوال معا من غير تأخير ".

و قد بوب أبو داود للحديث بقوله: " باب المسافر يصلي و هو يشك في الوقت " , و علق عليه صاحب " العون " فقال: " هل جاء وقت الصلاة أم لا ? فلا اعتبار لشكه ,وإنما الاعتماد في معرفة الأوقات على الإمام , فإن تيقن الإمام بمجيء الوقت, فلا يعتبر بشك بعض الأتباع ". و قوله: " على الإمام " , و أقول: أو على من أنابه الإمام من المؤذنين المؤتمنين الذين دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمغفرة , و هم الذين يؤذنون لكل صلاة في وقتها , و قد أصبح هؤلاء في هذا الزمن أندر من الكبريت الأحمر , فقل منهم من يؤذن على التوقيت الشرعي , بل جمهورهم يؤذنون على التوقيت الفلكي المسطر على التقاويم و (الروزنامات) , و هو غير صحيح لمخالفته للواقع , و في هذا اليوم مثلا (السبت 20 محرم سنة 1406) طلعت الشمس من على قمة الجبل في الساعة الخامسة و خمس و أربعين دقيقة , و في تقويم وزارة الأوقاف أنها تطلع في الساعة الخامسة و الدقيقة الثالثة و الثلاثين! هذا و أنا على (جبل هملان) , فما بالك بالنسبة للذين هم في (وسط عمان) ? لا شك أنه يتأخر طلوعها عنهم أكثر من طلوعها على (هملان). و مع الأسف فإنهم يؤذنون للفجر هنا قبل الوقت بفرق يتراوح ما بين عشرين دقيقة إلى ثلاثين , و بناء عليه ففي بعض المساجد يصلون الفجر ثم يخرجون من المسجد و لما يطلع الفجر بعد , و لقد عمت هذه المصيبة كثيرا من البلاد الإسلامية كالكويت و المغرب و الطائف و غيرها , و يؤذنون هنا للمغرب بعد غروب الشمس بفرق 5 - 10 دقائق.

و لما اعتمرت في رمضان السنة الماضية صعدت في المدينة إلى الطابق الأعلى من البناية التي كنت زرت فيها أحد إخواننا لمراقبة غروب الشمس و أنا صائم , فما أذن إلا بعد غروبها بـ (13 دقيقة)! و أما في جدة فقد صعدت بناية هناك يسكن في شقة منها صهر لي , فما كادت الشمس أن تغرب إلا و سمعت الأذان. فحمدت الله على ذلك.

لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة

2786 - (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة).

أخرجه الإسماعيلي في " المعجم " (112/ 2) عن شيخه العباس بن أحمد الوشا: حدثنا محمد بن الفرج , و البيهقي في " السنن " (4/ 316) من طريق محمد بن آدم المروزي , كلاهما عن سفيان بن عيينة عن جامع بن أبي شداد عن أبي وائل قال: قال حذيفة لعبد الله [يعني ابن مسعود رضي الله عنه]: [قوم] عكوف بين دارك و دار أبي موسى لا تغير (و في رواية: لا تنهاهم) ?! و قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره ?! فقال عبد الله: لعلك نسيت و حفظوا , أو أخطأت و أصابوا.

قلت: و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قول ابن مسعود ليس نصا في تخطئته لحذيفة في روايته للفظ الحديث , بل لعله خطأه في استدلاله به على العكوف الذي أنكره حذيفة , لاحتمال أن يكون معنى الحديث عند ابن مسعود: لا اعتكاف كاملا , كقوله صلى الله عليه وسلم: " لا إيمان لمن لا أمانة له , و لا دين لمن لا عهد له " و الله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير