كذا رواه ابن نصر في "السنة" (54). و زاد في رواية: "أن يقول الرجل: إن كان بنقد فبكذا و كذا , و إن كان إلى أجل فبكذا و كذا". و هو رواية لأحمد (1/ 398) , و جعله من قول سماك , الراوي عن عبد الرحمن بن عبد الله. ثم إن الحديث رواه ابن نصر (55) و عبد الرزاق في "المصنف" (8/ 137/14629) بسند صحيح عن شريح قال: فذكره من قوله مثل لفظ حديث الترجمة بالحرف الواحد.
قلت: و سماك هو ابن حرب و هو تابعي معروف , قال: أدركت ثمانين صحابيا. فتفسيره للحديث ينبغي أن يقدم - عند التعارض - و لاسيما و هو أحد رواة هذا الحديث , و الراوي أدرى بمرويه من غيره لأن المفروض أنه تلقى الرواية من الذي رواها عنه مقرونا بالفهم لمعناها , فكيف و قد وافقه على ذلك جمع من علماء السلف و فقهائهم:
1 - ابن سيرين , روى أيوب عنه: أنه كان يكره أن يقول: أبيعك بعشرة دنانير نقدا , أو بخمسة عشر إلى أجل. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8/ 137/14630) بسند صحيح عنه. و ما كره ذلك إلا لأنه نهي عنه.
2 - طاووس , قال: إذا قال: هو بكذا و كذا إلى كذا و كذا , و بكذا و كذا إلى كذا و كذا , فوقع المبيع على هذا , فهو بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين. أخرجهعبد الرزاق أيضا (14631) بسند صحيح أيضا. و رواه هو (14626) و ابن أبي شيبة (6/ 120) من طريق ليث عن طاووس به مختصرا , دون قوله: "فوقع البيع .. ". و زاد: "فباعه على أحدهما قبل أن يفارقه , فلا بأس به". فهذا لا يصح عن طاووس لأن ليثا - و هو ابن أبي سليم - كان اختلط.
3 - سفيان الثوري , قال: إذا قلت: أبيعك بالنقد إلى كذا , و بالنسيئة بكذا و كذا , فذهب به المشتري , فهو بالخيار في البيعين , ما لم يكن وقع بيع على أحدهما , فإن وقع البيع هكذا , فهو مكروه و هو بيعتان في بيعة و هو مردود و هو منهي عنه , فإن وجدت متاعك بعينه أخذته , و إن كان قد استهلك فلك أوكس الثمنين , و أبعد الأجلين. أخرجه عبد الرزاق (14632) عنه.
4 - الأوزاعي , نحوه مختصرا , و فيه: "فقيل له: فإن ذهب بالسلعة على ذينك الشرطين؟ فقال: هي بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين". ذكره الخطابي في "معالم السنن" (5/ 99). ثم جرى على سنتهم أئمة الحديث و اللغة , فمنهم:
5 - الإمام النسائي , فقال تحت باب "بيعتين في بيعة": " و هو أن يقول: أبيعك هذه السلعة بمئة درهم نقدا , و بمئتي درهم نسيئة ". و بنحوه فسر أيضا حديث ابن عمرو: " لا يحل شرطان في بيع " , و هو مخرج في "الإرواء" (1305) و انظر "صحيح الجامع" (7520).
6 - ابن حبان , قال في "صحيحه" (7/ 225 - الإحسان): "ذكر الزجر عن بيع الشيء بمئة دينار نسيئة , و بتسعين دينارا نقدا". ذكر ذلك تحت حديث أبي هريرة باللفظ الثاني المختصر.
7 - ابن الأثير في "غريب الحديث" , فإنه ذكر ذلك في شرح الحديثين المشار إليهما آنفا.
حكم بيع التقسيط: و قد قيل في تفسير (البيعتين) أقوال أخرى , و لعله يأتي بعضها , و ما تقدم أصح و أشهر , و هو ينطبق تماما على المعروف اليوم بـ (بيع التقسيط) , فما حكمه؟
لقد اختلف العلماء في ذلك قديما و حديثا على ثلاثة
أقوال: الأول: أنه باطل مطلقا. و هو مذهب ابن حزم.
الثاني: أنه لا يجوز إلا إذا تفرقا على أحدهما. و مثله إذا ذكر سعر التقسيط فقط.
الثالث: أنه لا يجوز , و لكنه إذا وقع و دفع أقل السعرين جاز.
1 - جليل هذا المذهب ظاهر النهي في الأحاديث المتقدمة , فإن الأصل فيه أنه يقتضي البطلان. و هذا هو الأقرب إلى الصواب لولا ما يأتي ذكره عند الكلام على دليل القول الثالث.
2 - ذهب هؤلاء إلى أن النهي لجهالة الثمن , قال الخطابي: "إذا جهل الثمن بطل البيع. فأما إذا باته على أحد الأمرين في مجلس العقد , فهو صحيح".
¥