تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخرجه البخاري و غيره كأحمد , و زاد في رواية: " يسترخي أحيانا " , و كذلك رواه البيهقي في " شعب الإيمان " (2/ 221 / 2).

قلت: فالحديث صريح في أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن يطيل ثوبه , بل فيه أنه كان يسترخي بغير قصد منه , و أنه كان مع ذلك يتعاهده , فيسترخي على الرغم من ذلك أحيانا.

قال الحافظ (10/ 217) عقب رواية أحمد: " فكأن شده كان ينحل إذا تحرك بمشي أو غيره بغير اختياره , فإذا كان محافظا عليه لا يسترخي , لأنه كلما كاد يسترخي شده ". ثم ذكر أن في بعض الروايات أنه كان نحيفا.

قلت: فهل يجوز الاستدلال بهذا و الفرق ظاهر كالشمس بين ما كان يقع من أبي بكر بغير قصد , و بين من يجعل ثوبه مسبلا دائما قصدا! نسأل الله العصمة من الهوى.

و إنما تكلمت عن إطالة البنطلون و السروال , لطرو هذه الشبهة على بعض الشباب , و أما إطالة بعض المشايخ أذيال جببهم خاصة في مصر , و إطالة الأمراء في بعض البلاد العربية لأعبئتهم فأمر ظاهر نكارته. نسأل الله السلامة و الهداية.

كتبت هذا لعل فيمن طرأت عليه الشبهة السابقة كان مخلصا , فحينما تتجلى له الحقيقة يبادر إلى الانتهاء عن تلك الآفة كما انتهى ذلك الشاب الذي كان عليه حلة صنعانية يجرها سبلا. فقال له ابن عمر رضي الله عنه: يا فتى هلم! قال: ما حاجتك يا أبا عبد الرحمن ? قال: ويحك أتحب أن ينظر الله إليك يوم القيامة ? قال: سبحان الله! و ما يمنعني أن لا أحب ذلك ? قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا ينظر الله ... ". فلم ير ذلك الشاب إلا مشمرا حتى مات. رواه البيهقي بسند صحيح , و رواه أحمد (2/ 65) من طريق أخرى عن ابن عمر نحوه دون قوله: " فلم ير .... ".

صرف المسلم عن الاهتمام بما فوق حاجته

2830 - (أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا , إلا ما لا , يعني: ما لابد منه).

2831 - (إن الرجل يؤجر في نفقته كلها إلا في هذا التراب).

و اعلم أن المراد من هذا الحديث و الذي قبله - و الله أعلم - إنما هو صرف المسلم عن الاهتمام بالبناء و تشييده فوق حاجته , و إن مما لا شك فيه أن الحاجة تختلف باختلاف عائلة الباني قلة و كثرة , و من يكون مضيافا , و من ليس كذلك , فهو من هذه الحيثية يلتقي تماما مع الحديث الصحيح: " فراش للرجل , و فراش لامرأته , و الثالث للضيف , و الرابع للشيطان ". رواه مسلم (6/ 146) و غيره , و هو مخرج في " صحيح أبي داود ". و لذلك قال الحافظ بعد أن ساق حديث الترجمة و غيره: " و هذا كله محمول على ما لا تمس الحاجة إليه

, مما لابد منه للتوطن و ما يقي البرد و الحر ".

ثم حكى عن بعضهم ما يوهم أن في البناء كله الإثم! فعقب عليه الحافظ بقوله: " و ليس كذلك , بل فيه التفصيل , و ليس كل ما زاد منه على الحاجة يستلزم الإثم .. فإن في بعض البناء ما يحصل به الأجر , مثل الذي يحصل به النفع لغير الباني , فإنه يحصل للباني به الثواب , و الله سبحانه و تعالى أعلم ".

الأمر بعدم التشبه بالكفار

2834 - (إنهم يوفرون سبالهم و يحلقون لحاهم فخالفوهم. يعني المجوس).

أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (5452 - الإحسان) و البيهقي في " سننه " (1/ 151) و أبو حامد الحضرمي في " حديثه " (ق 2/ 2) و أبو عروبة الحراني في " حديث الجزريين " (ق 146/ 1) من طرق عن معقل بن عبيد الله عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس فقال: فذكره , و زاد: " فكان ابن عمر يجز سباله كما تجز الشاة أو البعير ".

و اعلم أن في هذا الحديث توجيها نبويا كريما طالما غفل عنه كثير من خاصة المسلمين فضلا عن عامتهم , ألا و هو مخالفة الكفار المجوس و غيرهم كما في الحديث المتفق عليه: " إن اليهود و النصارى لا يصبغون فخالفوهم ".

و الأحاديث بهذا المعنى كثيرة جدا معروفة. فالذي أريد بيانه إنما هو التنبيه على أن المخالفة المأمور بها هي أعم من التشبه المنهي عنه , ذلك أن التشبه أن يفعل المسلم فعل الكافر , و لو لم يقصد التشبه , و بإمكانه أن لا يفعله. فهو مأمور بأن يتركه. و حكمه يختلف باختلاف ظاهرة التشبه قوة و ضعفا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير