وعن عبدالله بن الزبير أنه قال: (لله در ابن هند (يعني معاوية) إنا كنا لنفرقه (2) وما الليث على براثنه بأجرأ منه، فيتفارق لنا، وإن كنا لنخدعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه فيتخادع لنا، والله لوددت أنا مُتّعنا به مادام في هذا الجبل حجر وأشار إلى أبي قبيس). (3)
وعن قتادة قال: (لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم هذا المهدي). (4)
وعن مجاهد أنه قال: (لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدي). (5)
وعن الزهري قال: (عمل معاوية بسيرة عمر بن الخطاب سنين لا يخرم منها شيئاً). (6)
وعن الأعمش أنه ذكر عنده عمر بن عبدالعزيز وعدله فقال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) صحيح البخاري: (كتاب فضائل الصحابة، باب ذكر معاوية) فتح الباري 7/ 103، ح3765.
(2) الفَرَق هو: الخوف والفزع، النهاية لابن الأثير 3/ 438.
(3) أورده ابن كثير في البداية والنهاية 8/ 138.
(4) أخرجه الخلال في السنة 1/ 438.
(5) المصدر نفسه. وأورده ابن كثير في البداية والنهاية 8/ 137.
(6) أخرجه الخلال في السنة 1/ 444، وقال المحقق: إسناده صحيح.
(فكيف لو أدركتم معاويه؟ قالوا: يا أبا محمد يعني في حلمه؟ قال: لا والله، ألا بل في عدله). (1)
وسئل المعافى معاوية أفضل أو عمر بن عبدالعزيز؟ فقال: (كان معاوية أفضل من ستمائه مثل عمر بن عبدالعزيز).
والآثار عن السلف في ذلك كثيرة، وإنما سقت هنا بعضها.
كما أثنى على معاوية - t- العلماء المحققون في السير والتاريخ، ونقاد الرجال.
يقول ابن قدامة المقدسي: «ومعاوية خال المؤمنين، وكاتب وحي الله، وأحد خلفاء المسلمين -رضي الله تعالى عنهم-». (3)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «واتفق العلماء على أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة، فإن الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة، وهو أول الملوك، كان ملكه ملكاً ورحمة». (4)
وقال: «فلم يكن من ملوك المسلمين خير من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيراً منهم في زمان معاوية». (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) أخرجه الخلال في السنة 1/ 437.
(2) المصدر نفسه 1/ 435.
(3) لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد ص33.
(4) مجموع الفتاوى 4/ 478.
(5) منهاج السنة 6/ 232.
وقال ابن كثير في ترجمة معاوية - t-: « وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين ... فلم يزل مستقلاً بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم، وكلمة الله عالية، والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض، والمسلمون معه في راحة وعدل، وصفح وعفو». (1)
وقال ابن أبي العز الحنفي: «وأول ملوك المسلمين معاوية وهو خير ملوك المسلمين». (2)
وقال الذهبي في ترجمته: «أمير المؤمنين ملك الإسلام». (3)
وقال: «ومعاوية من خيار الملوك، الذين غلب عدلهم على ظلمهم». (4)
وإذا ثبت هذا في حق معاوية - t- فإنه من أبعد المحال على من كانت هذه سيرته، أن يحمل الناس على لعن علي- t- على المنابر وهو من هو في الفضل وهذا يعني أن أولئك السلف وأهل العلم من بعدهم الذين أثنوا عليه ذلك الثناء البالغ، قد مالؤوه على الظلم والبغي واتفقوا على الضلال وهذا مما نزهت الأمة عنه بنص
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(1) البداية والنهاية 8/ 122.
(2) شرح العقيدة الطحاوية ص722.
(3) سير أعلام النبلاء 3/ 120.
(4) المصدر نفسه 3/ 159.
حديث الرسول r ( إن أمتي لاتجتمع على ضلالة). (1)
ومن علم سيرة معاوية - t- في الملك، وما اشتهر به من الحلم والصفح، وحسن السياسة للرعية، ظهرله أن ذلك من أكبرالكذب عليه.
فقد بلغ معاوية - t- في الحلم مضرب الأمثال، وقدوة الأجيال قال: عبدالملك بن مروان وقد ذكر عنده معاوية: (ما رأيت مثله في حلمه واحتماله وكرمه). (2)
وقال قبيصة بن جابر: (ما رأيت أحداً أعظم حلماً، ولا أكثر سؤدداً، ولا أبعد أناة، ولا ألين مخرجاً، ولا أرحب باعاً بالمعروف من معاوية). (3)
ونقل ابن كثير: (أن رجلاً أسمع معاوية كلاماً سئياً شديداً، فقيل له لو سطوت عليه؟ فقال: إني لأستحيي من الله أن يضيق حلمي عن ذنب أحد من رعيتي). (4)
¥