25. قوله (أو مرماتين حسنتين): يقولون (هي ما بين ظلفي الشاة من اللحم). لكن هل بين أظلاف الشاة لحم؟!! وهل يمكن أن يوصف هذان الظلفان بالحسن؟!! ولذا يتجه القول الآخر بأن (ظلفي) مصحفة من (ضلعي) , فالمراد ما بين ضلعي الشاة من اللحم, فبينهما لحم وهو حسنٌ أيضاً. وأكثر كتب الغريب والمعاجم تقول (ما بين ظلفي) , وكتب الشروح تواطأت على هذا.
26. حديث أبي هريرة (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر): الصلاة كلها ثقيلة على المنافقين, قال تعالى (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى) , وأثقل الثقيل عليهم صلاة العشاء وصلاة الفجر, لأن الذي يبعث على العمل هو الطمع إما في أجر أخروي أو في أجر دنيوي, وهم لا يطمعون في أجر الآخرة وإنما يصلون رياءً, ولما كانت صلاة العشاء وصلاة الفجر في الظلام وهم إنما يصلون رياءً الناس والناس لا يرونهم فُقِدَ الباعث الديني والباعث الدنيوي, ولا يتخلف عن صلاة الجماعة إلا من يشك في ثبوت الوعد الأخروي أو لا يصدق به أصلاً كالمنافقين والكفار.
27. حديث أبي هريرة (أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى .. ): جاء تعيين هذا الأعمى في بعض الروايات بأنه ابن أم مكتوم المؤذن.
28. جاء في بعض الروايات أن لهذا الأعمى قائد لكن لا يلائمه, يعني لا يلازمه.
29. جاء في الحديث (فلما ولى دعاه فقال له: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم, قال فأجب) وجاء في بعض الروايات (لا أجد لك رخصة).
30. يدل هذا الحديث على أن كل من سمع النداء عليه أن يجيب إلا إذا كان له عذر.
31. المراد بقوله (أتسمع النداء) أي بالصوت العادي دون مكبرات ودون موانع من السماع.
32. المسألة تحتاج إلى ضابط لنعرف الرخصة الشرعية, لأن من كان بجانب المسجد وحوله موانع من السماع من سيارات ومكيفات وغيرها قد لا يسمع النداء بالصوت العادي, ومن كان في برية وليس حوله سيارات قد يسمع صوت المؤذن بالمكبر وبينه وبين المسجد مسافة بعيدة لا يستطيع قطعها بالمشي. وقبل وجود هذه الموانع كانوا يسمعون صوت المؤذن العادي بلا مكبر من بعيد مع الهدوء, وقبل هذه المكبرات وهذه الموانع كانوا يسمعون أذان الجامع في وسط البلد وهم في ضاحية تبعد عن البلد ثلاثة كيلومترات لكن في صلاة الصبح فقط, فالذي يبدو والله أعلم أن النداء يسمع بدون مكبر وبدون موانع من على بعد مسافة ثلاثة كيلومترات, وعلى هذا من كان بينه وبين المسجد ثلاثة كيلومترات يجب عليه إجابة النداء.
33. عتبان بن مالك - وقصته في الصحيح - لما كُفَّ بصره طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوره ليصلي له في مكان ليتخذه مسجداً, وفعل ذلك النبي عليه الصلاة والسلام واتخذ عتبان ذلك المكان مسجداً, فهل هناك تعارض بين حديث ابن أم مكتوم حيث لم يعذر وبين حديث عتبان؟ وعذر عتبان مثل عذر ابن أم مكتوم, هذا أعمى وذاك كُفَّ بصره فاحتاج أن يصلي في بيته؟!!
34. الجواب: أولاً ليس هناك دليل على أن عتبان يسمع النداء, ثانياً عتبان أراد أن يقيم الجماعة في بيته, فإذا لم يسمع النداء له أن يقيم الجماعة في بيته أو في حيه, فهو محمول على أن عتبان لا يسمع النداء, فليس هناك تعارض. فالفارق بأنه هنا صُرِّح بسماع النداء وهناك لم يصرَّح به لا وجوداً ولا عدماً.
35. منهم من يقول إن حديث ابن أم مكتوم محمول على الندب, وإلا فعذره يبيح له التخلف عن الجماعة. لكن يقال: الحديث فيه قوة حيث قال له (هل تسمع النداء قال نعم قال فأجب) , فالأمر ثابت والحكم معلل بسماع النداء ولا يمكن صرفه إلا بصارف قوي. نعم العميان يتفاوتون, فبعضهم يضل إذا لم يكن له قائد, ولعل النبي صلى الله عليه وسلم رأى في ابن أم مكتوم من الفطنة والفراسة ما يستطيع معها أن يصل إلى المسجد بسهولة, والأصل أن الحرج مرفوع في الشريعة, لكن ليس معنى هذا أننا نتنصل من الواجبات بحجة أن الدين يسر, لأن الدين كما أنه دين يسر فهو دين تكاليف وابتلاء وامتحان, والجنة حفت بالمكاره.
36. يجيب من يقول بعد وجوب صلاة الجماعة عن حديث الأعمى بأن الأمر فيه للاستحباب بدليل أنه معذور في ترك الجماعة, فقوله (أجب) أمر استحباب, لكن الصحيح أنه أمر وجوب, وإذا كان هذا الأعمى لم يعذر مع ما عنده من عذر العمى والمشقة وما يحول بينه وبين المسجد فكيف بمن لا عذر له؟!!.
¥