تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- فبما رواه أبو داود وغيره من حديث ابن عمر مرفوعا: "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلّط الله عليكم ذلاّ لا ينزعه حتّى ترجعوا إلى دينكم" (27).

وجه دلالة الحديث: أنّه يدلّ على تحريم بيع العينة لكونها أحد الأسباب المفضية إلى الذلّ المسلّط على من يبتعد عن دين الله لذلك حذّر الشارع منها

- وبما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ في بيعة فله أَوْكَسُهُما أو الرّبا" (28).

- وجه دلالة الحديث: أنّ بيع العينة مطابق لبيع صفقتين في صفقة، إذ جمع بين صفقتي النقد والنسيئة في صفقة واحدة وبيع واحد، ويكون مقصوده بيع دراهم عاجلة بدراهم مؤجّلة أكثر منها، ولا يستحقّ في ذلك إلاّ رأس ماله وهو أوكس الصفقتين، والصفقة الثانية بزيادة من الأولى وحينئذ يكون قد أربى (29).

- وبما روي عن الأوزاعي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "يأتي على النّاس زمان يستحلون الرّبا بالبيع" (30).

وجه دلالة الحديث: أنّ فيه إخبارا عمّا تكون عليه الأمّة من تحليل الرّبا المحرّم بالبيع المباح، ومن بين الوسائل المستعملة للوصول إلى هذه الغاية هي وسيلة بيع العينة، لذلك حرّمت سدّا لذريعة الرّبا.

- وبما رواه الدارقطني وغيره: أنّ العالية بنت أنفع قالت: خرجت أنا وأمّ محبة إلى مكّة، فدخلت على عائشة فسلمنا عليها، ... فقالت لها أمّ محبة: يا أمّ المؤمنين، كانت لي جارية وإنّي بعتها من زيد بن أرقم الأنصاري بثمانمائة درهم إلى عطائه، وإنّه أراد بيعها فابتعتها منه بستمائة درهم نقداً، فقالت: بئسما شريتِ وما اشتريتِ، فأبلغي زيداً أنّه أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت لها: أرأيتِ إن لم آخذ منه إلاّ رأس مالي، فقالت: (فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَة مِن رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) (32) (33).

ووجهه ظاهر في التحريم، ولم ينكر أحد على عائشة والصحابة متوافرون، ولأنّ التغليظ الشديد لا يصدر منها عن اجتهاد، بل بتوقيف عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، لاسيما إن كانت قد قصدت أنّ العمل يحبط بالردّة، وأنّ استحلال الرّبا كفر، غير أنّ زيداً معذور لأنّه لم يعلم أنّ هذا محرّم، ولهذا قالت: "أبلغيه" (33)، كما أنّ في قولها: "بئسما شريت وما اشتريت" دليل على بطلان العقدين معا.

· أمّا بالأثر:

- فبما ثبت عن ابن عبّاس أنّه سئل عن رجل باع من رجل حريرة بمائة، ثمّ اشتراها بخمسين؟ قال: دراهم بدراهم متفاضلة، دخلت بينهما حريرة.

- وعنه أنّه قال: "اتّقوا هذه العينة، لتبيعوا دراهم بدراهم بينهما حريرة".

- وعنه قال: "إذا بعتم السَرَقَ (34) من سرق الحرير نسيئة فلا تشتروه" (35).

- وعن أنس أنّه سئل عن العينة فقال: "إنّ الله لا يخدع، هذا ممّا حرّم الله ورسوله" (36).

وجه دلالة هذه الآثار: أنّها تفيد بوضوح تحريم بيع العينة، وتعضد الروايات السابقة بانضمامها إليها، وهي في حكم المرفوع لأنّ قول الصحابي: "حرّم رسول الله كذا، أو أمر بكذا، أو أوجب كذا، أو قضى بكذا" له هذا الحكم، والرجوع إلى فهم الصحابة في معاني الألفاظ متعيّن.

· أمّا بالمعقول:

فاستدلّوا على أنّ بيع العينة مبنيّ على أصل سدّ الذرائع، وهو ذريعة إلى الرّبا، وبه يتوصّل على إباحة ما حرّم الله تعالى، والوسيلة إلى الحرام حرام.

2 - أدلة الشافعية والظاهرية:

استدل الشافعية والظاهرية بالكتاب والسنّة والإجماع:

· أمّا بالكتاب:

- فبقوله تعالى: (وأحلّ الله البيع) (37)، والظاهر من العينة بيع عُقد بين المتبايعين، فلا يخرج من عموم الحلّ بالآية، ولا يعدل عن هذا الحكم إلاّ بوجود قرينة مانعة وصارفة عن هذا المعنى وتفيد غيره، وهو أمر متعذّر على ما سيأتي.

· أمّا بالسنة:

- فبحديث الباب في قوله صلى الله عليه وسلم: "ولكن إذا أردت أن تشتري فَبعِِ التّمر ببيع آخر، ثمّ اشْتَرِ به".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير