تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اعلم أن النبوة والرسالة اصطفاء من الله عز وجل لقوله تعالى " إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " (آل عمران آيه: 33) فلا تُنال النبوة بكثرة عبادة أو اجتهاد أو عظيم جاه إنما هي اختيار من الله، وقال سبحانه " ... الله أعلمُ حيث يجعلُ رسالته ... " (الأنعام آيه: 144) فلا بد أن يكون الأنبياء والرسل أكمل أهل زمانهم عقلاً وفضلاً وفطنةً ومعرفةً وصلاحاً وعفةً وشجاعةً و سخاوة ًوزهداً ولا يجوز أن يكونوا أقل من المرسلين إليهم ولا ناقصي الحواس فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم " ما بعث الله من نبي إلا كان حسنُ الوجه حسنُ الصوت وإنّ نبيكم أحسنهم وجها وأحسنهم صوتا " رواه الترمذي.

الرسول لغة: الذي يتابع أخبار الذي بعثه وهي مأخوذة مِنْ جاءت الإبلُ رَسلا أي متتابعة وكذلك من رَسَلَ اللبنُ إذا تتابع درّ.

اصطلاحاً: إنسان حرٌّ ذَكَر يأتي بشرْع جديد من الله عز وجل على الابتداء يكون ناسخاً لشرع الرسول الذي قبله إما بالكلية لقوله تعالى: " ... لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ... " (المائدة آيه: 48) وإما يكون ناسخا لبعض أحكام شريعة الرسول الذي قبله لقوله عز وجل في حق سيدنا عيسى:" ... لأُحِلَّ لكم بعض الذي حُرِّم عليكم ... " (آل عمران آيه: 50) فسيدنا موسى عليه السلام أُنزل عليه حُكم قتْل القاتل من دون المصالحة على الدِّية ولا العفو، وفي شرع سيدنا عيسى شُرِّعت الدِّية، وأما في شرع سيدنا محمد صلى الله عليه و آله وسلم فقد جاء بالقصاص والدِّية والعفو، وكذلك فإن الصلوات في شَرْع من كان قبلنا كانت لا تؤدى إلا في البِيَع والصوامع وأما في شرعنا فان الله جعل الأرض لنا مسجدا وطهورا.

والرسول مأمور بالتبليغ كما دلت عليه آيات الكتاب الحكيم فقال سبحانه "وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين" (الأعراف آيه: 104) وكذلك في حق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"يا أيها الرسول بلّغ ما أُنزِل إليك مِنْ ربك" (المائدة آيه: 67). و كذلك فإن الأنبياء غير الرسل مأمورون بالتبليغ ولإثبات هذه الحقيقة لابد من معرفة التالي:

قد أقرَّ علماءُ الأصول: " أنَّ كلَّ رسولٍ لله نبي وليس كل نبي رسول " وحتى نقف على سبب هذا التفريق لابد من تعريف معنى النبوة.

النبي: هو كل من أوحي إليه وكان متبعا لشرع الرسول الذي قبله ولا تختص بالذكور بل يجوز أن تكون في النساء كما هو الحال مع السيدة مريم عليها السلام إذ جاءت الآيات القرآنية شاهدة على نبوتها وهي مسألة تخفى على كثير من طلبة العلم و ليس هذا موضع بحثها ولنا رسالة في ذلك سنبين فيها الأدلة الواضحة على ذلك.

والنبي مأمور بالتبليغ والحُجَّة قائمة على ذلك من عدة وجوه والقول بأنهم غير مأمورين بالتبليغ مخالف للغة والقرآن والسنة وصريح العقل.

مخالفته للغة: قال أهل اللغة: النبي في اللغة على معنيين إما مهموز أو غير مهموز.

المعنى الأول: المهموز وهو مأخوذ من النبأ الذي هو الخبر قال سبحانه:"نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم " (الحجر آيه: 49) أي أخبرهم وبلّغهم.

ومن المعلوم أن النبي مخبر عن الله، والمُخبر يحتاج إلى جهة يبلغهم الخبر وهم قومه وهذا معناه تبليغ ما أوحى الله إليه.

والمعنى الثاني: "أي الغير مهموز"أنها مشتقة من النباوة أي الرفعة لعلو شأنه واشتهار مكانه، و يفهم من هذا أن النبي في قومه بمكان لا يضاهيه أحد فهو أفضل معاصريه على الإطلاق وهذا لا يُعْرف إلا إذا أخبرهم بأنه مرسل من الله فقد قال المولى سبحانه:"وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ... " (الحج آية: 52) فكليهما مرسلٌ من الله عز وجل. والمرسل لابد من أن يُعرِّف عن نفسه لقومه بأنه نبي الله إليهم ويدعوهم إلى الحق ويحكم بينهم بشريعة الرسول الذي كان قبله.

مخالفته لصريح القرآن:

آيات الكتاب شاهدة على أن الأنبياء بَلَّغوا أمر الله الذي كُلِّفوا به ويدل على ذلك تعرضهم للإذاية والاستهزاء والتقتيل فقال سبحانه:" وكم أرسلنا من نبي في الأولين * وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون " (الزخرف الآيات:6 - 7) ولا يكون هذا لنبي متستر على حاله غير معروف أمره بين الناس.

يقول المولى عز وجل: " لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقَتْلَهُمُ الأنبياء بغير حق ... " (آل عمران آيه: 181).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير