165. حديث أم ورقة (أمرها أن تؤم أهل دارها): أم ورقة بنت نوفل الأنصارية, كان النبي عليه الصلاة والسلام يزورها ويسميها الشهيدة, وهذه معجزة من معجزاته عليه الصلاة والسلام وعلم من أعلام نبوته, فقد كان لها غلام وجارية أعتقتهما عن دبر, فاجتمعا عليها في ليلة فغماها بقطيفة فماتت في عهد عمر, فبحث عنهما فصلبهما, كذا جاء في السير.
166. في الحديث دليل على صحة إمامة المرأة, أما إمامتها بالنساء لا إشكال فيها, لكن النص يحتمل أن يكون من أهل دارها من هو من الذكور, فهي تؤم أهل دارها وأهل دارها فيهم الذكور وفيهم الإناث, اللهم إلا إذا أمكن أن نخرج من هذا الإشكال بأن الذكور إنما يصلون في المساجد, يعني تؤم من له أن يصلي في البيت وهم النساء والصبيان.
167. أجاز المزني وأبو ثور صلاة المرأة بالرجال, وأجاز الطبري أن تصلي بالرجال صلاة التراويح, لكن الجماهير على أن المرأة لا تؤم الرجال بحال من الأحوال, فتبقى إمامة أم ورقة في دارها بمن له أن يصلي في الدار.
168. حديث أنس (استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى): استخلفه على المدينة مراراً إذا خرج لغزو, أوصل بعضهم مرات استخلافه إلى ثلاث عشرة مرة.
169. لا خلاف في جواز إمامة الأعمى بالمبصرين, والحديث دليل على صحة إمامة الأعمى من غير كراهة لأن هذا فعله عليه الصلاة والسلام.
170. لكن الخلاف في أيهما أفضل: إمامة الأعمى أو إمامة المبصر؟ من أهل العلم من يفضل الأعمى لأن ذهنه لا يتشوش بسبب ما يراه, ولذا يستحب بعضهم أنه إذا كان تغميضه لعينيه أجمع لقلبه فإنه يغمض عينيه ويصلي, وإن كان القول المحقق أنه لا يغمض عينيه لأن هذا من فعل اليهود, وعلى كل حال إذا كان أعمى فإنه لا يحتاج إلى أن يغمض عينيه, فإذا كان يطلب من المبصر أن يغمض عينيه لئلا يتشوش ذهنه وليجتمع قلبه فالأعمى متوفر فيه ذلك من غير مشابهة اليهود. ومنهم من يفضل المبصر لأنه يخرج من عهدة النجاسات بيقين ويسبغ أعضاء الوضوء بيقين, والأعمى قد يتلبس بنجاسة وهو لا يشعر بخلاف المبصر.
171. وعلى كل حال أصل المسألة أنه لا مفاضلة ولا ممايزة, لكن كل إنسان بحسبه, لأن بعض العميان أحرص من المبصرين, بحيث يخرج من عهدة الواجبات بيقين ويتوقى النجاسات بيقين, وهذا يرجع إلى حرصه, وبعض الناس لا يكترث ولو كان مبصراً, فكل إنسان بحسبه ولا يرجح بوجود البصر أو بفقده, والنبي عليه الصلاة والسلام هو الإمام وهو مبصر واستخلف ابن أم مكتوم وهو أعمى فدل على جواز الأمرين من غير مفاضلة.
172. قال الحافظ (ونحوه لابن حبان عن عائشة رضي الله عنها): وهو أيضاً في الأوسط للطبراني أن النبي عليه الصلاة والسلام استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين يؤم الناس, وعلى كل حال هو شاهد للحديث السابق, والحديث صحيح بشواهده.
173. حديث ابن عمر (صلوا على من قال لا إله إلا الله, صلوا خلف من قال لا إله إلا الله): الحديث رواه الدارقطني, يقول الحافظ (بإسناد ضعيف) لكن لا يكفي أن يقال ذلك لأنه شديد الضعف, وطرقه كلها لا تثبت, فهو ضعيف جداً.
174. قوله (صلوا على من قال لا إله إلا الله): يعني على المسلم الذي يقول لا إله إلا الله, وفي الحديث (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله – الحديث -) , فمن قال لا إله إلا الله دخل في الإسلام, فإذا أتى بناقض من نواقض هذه الكلمة فإنه لا يصلى عليه.
175. قوله (وصلوا خلف من قال لا إله إلا الله): يعني خلف المسلم براً كان أو فاجراً, ومسألة الصلاة خلف الفاسق خلافية.
176. يوجد من يقول لا إله إلا الله ولا يأتي بناقض بل قد يرتكب ما يحرمه من صلاة الإمام عليه, فالمدين لما قُدِّم إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال (صلوا على صاحبكم) , وكذلك الغال يعزر بترك صلاة الإمام عليه ويصلي عليه الناس, وكذا قاطع الطريق وقاتل نفسه.
177. الشهيد لا يغسَّل ولا يصلى عليه, والمسألة خلافية بين أهل العلم, لكن هذا هو المعتمد.
178. حديث علي (إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام): رواه الترمذي بإسناد ضعيف, لأن فيه الحجاج بن أرطاة وهو مضعف عند أهل العلم, لكن له شواهد عند الترمذي - من حديث معاذ - وعند غيره, والمقصود أنه بشاهده حسن.
¥