ـ[أبو شعبة محمد بن ناجي]ــــــــ[10 - 10 - 08, 01:01 ص]ـ
شبهة و ردّها
هنا شبهة تقول:
لماذا لم تعملوا قاعدة علماء الحديث في تقوية الحديث إذا لم يشتدّ ضعفه بالطرق والآثار؟
ونجيب عن ذلك بقولنا:
لابد عند إعمال هذه القاعدة من مراعاة قيد عدم مخالفة الحديث للأحاديث الصحيحة، وهو غير متحقق هنا حيث صحّت الأحاديث بل تواترت على إفراد الإقامة.
كذلك فإن هذه القاعدة ليست عامّة في كلّ مسألة، بل المسائل العامّة لا يصلح تطبيق هذه القاعدة فيها يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لابد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم بيانا عاما ولابد أن تنقلها الأمة)
والأذان والإقامة من أظهر الأمور بل هما شعار الإسلام على مرّ السنين، فلا يتصوّر أن تتهاون الأمّة في نقل كيفية ثابتة لأحدهما أوكلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بحيث لا تصل إلينا إلا من الطرق الضعيفة التي لا يعتمد على مثلها إذا انفردت.
أضف إلى ذلك اتفاق الأمّة على عدم العمل بذلك في القرون الفاضلة حتى أظهره الشيعة حين تملّكوا على مصر، والأمّة كما لا تجمع على فعل بدعة فهي أيضًا لا تجمع على ترك سنّة أبدًا، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (ويمتنع انعقاد الإجماع على خلاف سنة)
وقد نقل ذلك الإجماع مَن لا يشكّ عاقل في صحة نقلهم:
قال الإمام مالك: أذّن سعد القرظ في هذا المسجد في زمان عمر بن الخطاب وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون فيه فلم ينكره أحد منهم، فكان سعد وبنوه يؤذنون بأذانه إلى اليوم ولو كان والٍ يسمع مني لرأيت أن يجمع هذه الأمة على أذانهم. فقيل لمالك: فكيف كان أذانهم قال: الأذان مثنى مثنى والإقامة مرة مرة.
وقال الإمام الشافعي: الرواية فيه -أي تثنية الأذان وإفراد الإقامة- تكلّف الأذان خمس مرات في اليوم والليلة في المسجدين على رءوس الأنصار والمهاجرين. ومؤذنو مكة آل أبي محذورة وقد أذَّن أبو محذورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمه الأذان ثم ولاه بمكة، وأذَّن آل سعد القرظ منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وزمن أبي بكر رضي الله عنه، كلهم يحكون الأذان والإقامة والتثويب وقت الفجر كما قلنا، فإن جاز أن يكون هذا غلطا من جماعتهم والناس بحضرتهم، ويأتينا من طرف الأرض من يعلمنا، جاز له أن يسألنا عن عَرَفَة وعن مِنَى ثم يخالفنا، ولو خالفنا في المواقيت كان أجوز له في خلافنا من هذا الأمر الظاهر المعمول به.
وقال محمد بن نصر المروزي: أرى فقهاء أصحاب الحديث قد أجمعوا على إفراد الإقامة.
شبهة على الشبهة
وأورد هنا مسألة هي محل اتفاق يمكن القياس عليها:
اتفق أهل السنّة على عدم جواز زيادة: «حي على خير العمل» في الأذان، واعتبروه بدعة منكرة لأنه شعار الشيعة، فمن أظهره في بلاد الإسلام كان داعيًا إلى بدعة هؤلاء ولابد.
والسؤال الآن: مِن أين أتى الشيعة بهذا الأمر؟
وسآتيك بالجواب من كتب الحديث لا من غيرها:
قال ابن أبي شيبة في المصنف (2241) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا عبيد الله عن نافع قال: «كان ابن عمر زاد في أذانه: حي على خير العمل»
وهذا إسناد صحيح غاية:
أبو أسامة هو حماد بن أسامة؛ ثقة ثبت
وعبيد الله هو ابن عمر العمري؛ ثقة ثبت
ونافع هو مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور، من أئمة التابعين وأعلامهم.
ولم ينفرد به عبيد الله العمري عن نافع؛ بل تابعه عليه أئمة حفّاظ؛ منهم:
1 - ابن جريج:
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (1797) عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر نحوه.
2 - الليث بن سعد:
قال البيهقي في السنن الكبرى (1/ 424): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق حدثنا بشر بن موسى حدثنا موسى بن داود حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر نحوه.
3 - ابن عجلان:
قال ابن أبي شيبة في المصنف (2240) حدثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر نحوه.
4 - مالك بن أنس:
قال البيهقي في السنن الكبرى (1/ 424): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر نحوه
ولم ينفرد به عبد الوهاب عن مالك
¥