تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو شعبة محمد بن ناجي]ــــــــ[10 - 10 - 08, 12:58 ص]ـ

الدراسة العقديّة

من المعروف أنّ تقسيم الدين إلى أصول وفروع وتخصيص الأصول بمسائل الاعتقاد والفروع بمسائل المعاملات هو أمر محدث؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (ولم يفرق أحد من السلف والأئمة بين أصول وفروع، بل جعل الدين قسمين أصولا وفروعا لم يكن معروفا في الصحابة والتابعين)

ومع ذلك فقد ذكر كثير من أهل السنة بعض المسائل التي اتفق عليها الأصوليون أنها من مسائل الفروع ذكروها في كتب الاعتقاد لمّا صارت شعارًا لبعض طوائف أهل البدع المخالفين لأهل السنة والجماعة:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (من شأن المصنفين في العقائد المختصرة على مذهب أهل السنة والجماعة أن يذكروا ما يتميّز به أهل السنة عن الكفار والمبتدعين)

من ذلك تقرير الإمام الطحاوي لمشروعية المسح على الخفين في عقيدته المشهورة حيث قال: (ونرى المسح على الخفين، في السفر والحضر، كما جاء في الأثر)

وقال الدكتور عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف في رسالته: «مسائل الفروع الواردة في مسائل العقيدة»: (ومن أقدم الأئمة الذين قرروا تلك المسألة: الإمام سفيان الثوري في عقيدته حيث قال -مخاطباً من سأله عن معتقده-: يا شعيب بن حرب، لا ينفعك ما كتبت لك حتى ترى المسح على الخفين دون خلعهما أعدل عندك من غسل قديمك.

بل قال سفيان الثوري: من لم يسمح على الخفين فاتهموه على دينكم.

وعدّ سهل بن عبد الله التستري المسح على الخفين من خصال أهل السنة.

كما قرر أبو حنيفة وأبو الحسن الأشعري في كتابه الإنابة والطحاوي في عقيدته وابن بطة في الإنابة الصغرى، والبربهاري في شرح السنة، وابن خفيف في عقيدته، وأبو عمرو الداني في الرسالة الوافية.

ووجه إيراد مسألة المسح على الخفين ضمن كتب الاعتقاد: مخالفة الروافض والخوارج الذين لا يجيزون المسح على الخفين، وكما قال الإمام محمد بن نصر المروزي: وقد أنكر طوائف من أهل الأهواء والبدع من الخوارج والروافض المسحَ على الخفين.

وقال الإمام النووي: أجمع من يُعتد به في الإجماع على جواز المسح على الخفين في السفر والحضر سواء كان لحاجة أو لغيرها ... وإنما أنكرته الشيعة والخوارج ولا يعتد بخلافهم

وجاء عن الإمام الشعبي أنه قال: واليهود لا يرون المسح على الخفين، وكذلك الرافضة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وقد تواترت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالمسح على الخفين، وبغسل الرجلين، والرافضة تخالف هذه السنة المتواترة، كما تخالف الخوارج نحو ذلك.

وقال في موضع آخر: وكان سفيان الثوري يذكر من السنة المسح على الخفين؛ لأن هذا كان شعاراً للرافضة) أ. هـ.

والمسح على الخفين من مسائل الفروع اتفاقا

بل كان أئمة السلف يتركون بعض مسائل مذهبهم إذا صارت شعارًا لأهل البدع، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: (ولهذا يوجد في كلام أئمة السنة من الكوفيين كسفيان الثوري أنهم يذكرون من السنة المسح على الخفين وترك الجهر بالبسملة كما يذكرون تقديم أبي بكر وعمر ونحو ذلك لأن هذا كان من شعار الرافضة. ولهذا ذهب أبو علي بن أبي هريرة -أحد الأئمة من أصحاب الشافعي- إلى ترك الجهر بها قال: لأن الجهر بها صار من شعار المخالفين، كما ذهب من ذهب من أصحاب الشافعي إلى تسنمة القبور؛ لأن التسطيح صار من شعار أهل البدع)

وبعضهم ترك ما هو مشروع بل ما هو مستحب أحيانًا لعلّة المخالفة نفسها:

قال شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية: (وهذا القول يقوله سائر الأئمة فإنه إذا كان في فعل مستحب مفسدة راجحة لم يصر مستحبا، ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعارًا لهم فلا يتميز السنى من الرافضي، ومصلحة التميز عنهم لأجل هجراتهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب)

فكيف بمسألة أصبحت شعارًا لهؤلاء الروافض منذ نشأتهم، وليست من المستحبات، بل وفي ادّعاء مشروعيتها نظر لعدم ثبوت الأحاديث الواردة فيها كما بيّنّاه بفضل الله وحده؟

فإذا كان ذلك كذلك، كانت الدّعوة؟ إلى تثنية الإقامة أحيانًا كما نادى به البعض بدعة منكرة تردّ على قائلها كائنًا من كان، ولا ينبغي له أن يستدلّ بمثل قول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (كل هذا ثابت عن الصحابة، كما ثبت عنهم أن منهم من كان يرجع في الأذان ومنهم من لم يرجع فيه ومنهم من كان يوتر الإقامة ومنهم من كان يشفعها وكلاهما ثابت عن النبي) لأنه بناه على ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وقد أثبتنا بالحجة والبرهان عدم ثبوته، ولو ثبت عنه صلى الله عليه وسلّم لقلنا به حتى لو كان شعارًا للرافضة، كما قال الإمام أحمد لسلمة بن شبيب لما قال له: يا أبا عبد الله قويت قلوب الرافضة لما أفتيت أهل خراسان بالمتعة -يعني متعة الحج-. فقال: يا سلمة كان يبلغني عنك أنك أحمق وكنت أدفع عنك والآن فقد ثبت عندي أنك أحمق، عندي أحد عشر حديثا صحاحا عن النبي صلى الله عليه و سلم أتركها لقولك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير