قال ابن قدامة: "وما احتجوا به: فيحتمل أنه مختص بمن كلم الإمام , أو كلمه الإمام ; لأنه لا يشتغل بذلك عن سماع خطبته , ولذلك سأل النبي صلى الله عليه وسلم «هل صليت؟» فأجابه، وسأل عمر عثمان حين دخل وهو يخطب , فأجابه , فتعين حمل أخبارهم على هذا , جمعا بين الأخبار , وتوفيقا بينها , ولا يصح قياس غيره عليه ; لأن كلام الإمام لا يكون في حال خطبته بخلاف غيره" اهـ. " المغني " (2/ 85).
وأما تشميت العاطس ورد السلام والإمام يخطب، فقد اختلف أهل العلم في ذلك.
قال الترمذي في " سننه " - عقب حديث أبي هريرة " إذا قلت لصاحبك ... " -: اختلفوا في رد السلام وتشميت العاطس، فرخص بعض أهل العلم في رد السلام وتشميت العاطس والإمام يخطب، وهو قول أحمد وإسحاق، وكره بعض أهل العلم من التابعين وغيرهم ذلك، وهو قول الشافعي اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (8/ 242): "لا يجوز تشميت العاطس ولا رد السلام والإمام يخطب على الصحيح من أقوال العلماء لأن كلا منهما كلام وهو ممنوع والإمام يخطب لعموم الحديث" اهـ.
وجاء فيها أيضا (8/ 243): "لا يجوز لمن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة إذا كان يسمع الخطبة أن يبدأ بالسلام من في المسجد، وليس لمن في المسجد أن يرد عليه والإمام يخطب" اهـ.
وجاء فيها أيضا (8/ 244): لا يجوز الكلام أثناء أداء الخطيب لخطبة الجمعة إلا لمن يكلم الخطيب لأمر عارض" اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين: "السلام حال خطبة الجمعة حرام فلا يجوز للإنسان إذا دخل والإمام يخطب الجمعة أن يسلم ورده حرام أيضا" اهـ.
فتاوى ابن عثيمين (16/ 100).
وقال الشيخ الألباني: فإن قول القائل: " أنصت "، لا يعد لغة من اللغو، لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومع ذلك فقد سماه عليه الصلاة والسلام: لغوا لا يجوز، وذلك من باب ترجيح الأهم، وهو الإنصات لموعظة الخطيب، على المهم، وهو الأمر بالمعروف في أثناء الخطبة، وإذا كان الأمر كذلك، فكل ما كان في مرتبة الأمر بالمعروف، فحكمه حكم الأمر بالمعروف، فكيف إذا كان دونه في الرتبة، فلا شك أنه حينئذ بالمنع أولى وأحرى، وهو من اللغو شرعا. " الأجوبة النافعة " (ص 45).
والخلاصة:
أن الواجب على من حضر الجمعة أن ينصت للإمام ولا يجوز له أن يتكلم والإمام يخطب، إلا ما استثناه الدليل من الكلام مع الخطيب، أو الرد عليه، أو ما دعت إليه الضرورة كإنقاذ أعمى من السقوط أو ما شابهه.
والسلام على الإمام ورده السلام مما يدخل في هذا المنع، لأنه لم يرخص في الكلام مع الإمام إلا للمصلحة أو الحاجة، وليس من ذلك السلام ورده.
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (5/ 140): "لا يجوز للإمام أن يتكلم كلاما بلا مصلحة، فلا بد أن يكون لمصلحة تتعلق بالصلاة أو بغيرها مما يحسن الكلام فيه، وأما لو تكلم الإمام لغير مصلحة فإنه لا يجوز.
وإذا كان لحاجة يجوز من باب أولى، فمن الحاجة أن يخفى على المستمع معنى جملة في الخطبة فيسأل، ومن الحاجة أيضا أن يخطئ الخطيب في آية خطأ يحيل المعنى، مثل أن يسقط جملة من الآية أو ما أشبه ذلك.
والمصلحة دون الحاجة فمن المصلحة مثلا إذا اختل صوت مكبر الصوت فللإمام أن يتكلم ويقول للمهندس: انظر إلى مكبر الصوت ما الذي أخله؟ " اهـ.
والله تعالى أعلم.
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[20 - 10 - 08, 07:47 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا عبد المحسن
لكن مسألتي في وادي وكلامك في واد آخر ... إذ اني طلبت مشروعية قيام إمام الخمس لتلاوة "حديث اللغو" في الجمعة وهل له سابقة ام لا؟؟؟
وما زلت أنتظر ممن أُستزيد من العلم
.
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[21 - 10 - 08, 10:12 ص]ـ
بارك الله فيكم
الاخ المكرم أبا عمر لعل هذا ماتريد أخي الحبيب
هذه المسألة
ذكرها أهل العلم في كتبهم ويسمون هذا المتكلم ((المرقي)) لأنه يصعد مع الخطيب الى المنبر
ويذكرهم بالحديث
قال العجلوني في كشف الخفاء
¥