تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

انتظم وهو ابن ستة عشر في سلك طلبة جامع القرويين والمدرسة العنانيه معاً، وصار يتردد عليهما لدراسة أمهات كتب المذهب المالكي والحديث والأصول وقواعد العربية، كما درس بعضاً من كتب التصوف، وتتلمذ على أشهر علماء فاس وفقهائها آنذاك، وعددهم يزيد على ثلاثين فقيهاً و محدثاً وفقيراً، كما درس أمهات الكتب، ومنها كتاب التنوير لابن عطاء الله السكندري، وبدأ صلته بمشايخ الطريقة الشاذلية وهو في العشرينات من عمره، فلزم مريدا للشيخ محمد الزيتوني بزاوية الشاذلية في فاس، وكتب تعليقه الأول على حكم ابن عطاء الله وهو في الرابعة والعشرين من عمره (عام 870 هـ) وفي هذه السنة انطلق أحمد في سياحة أربعين يوماً كاملة بأمر شيخه، زار خلالها ضريح الشيخ شعيب أبو مدين بن الحسين (المتوفى عام 596 هـ / 1198 م) في تلمسان، وعاد إلى فاس بعد مخاطر عديدة قابلته في رحلته، وعناءً شديداً تكبده، ومكث في فاس بعدها ثلاث سنين مشتغلاً بالدرس والتأليف.

واتصل بشيوخ من البلاد المغاربية, كالشيخ الإمام عبد الرحمن الثعالبي و إبراهيم التازي و المشدالي و الشيخ حلواو و السراج الصغير و أحمد بن سعيد بن الحباك و ابن الرصّاع و الحافظ التنسي و الإمام السنوسي و ابن زكريا و أبو مهدي عيسى المواسي.

وفي عام 873هـ / 1468م. عزم زروق على أداء فريضة الحج، واستشار شيخه أحمد بن الحسن الغمارى فأشار عليه بأن يفعل وأذن له، فتحرك إلى القاهرة ومكث فيها فترة قصيرة، ثم غادرها إلى مكة والمدينة، وبعد أداء مناسك الحج لبث في المدينة مجاوراً مدة عام، حيث التقى ببعض مشايخ التصوف، ثم عاد من الحج إلى القاهرة واستقر فيها عام 876 هـ / 1471 م، اتصل فيه بشيوخ التصوف وطرقه، وحضر الدروس في الأزهر، وكان من أهم من اتصل بهم من العلماء والمشايخ: محمد السخاوي، وأحمد بن حجر، وأبو اسحق التنوخي، ونور الدين السنهوري، و الولي شهاب الدين الأفشيطي و القطب أحمد بن عقبة الحضرمي و الذي أصبح مريدا في زاويته، وقرأ خلال تلك السنة من أمهات الكتاب في الفقه والحديث والتصوف، وبذلك اجتمع له في المغرب والمشرق شيوخ من الفقهاء والفقراء، وهو أمر أثر في مستقبل حياته وأفكاره، حيث رأى أن الفقه والتصوف موضوعان مترابطان، ومن هنا أطلق عليه لقب " الجامع بين الشريعة والحقيقة".

وقد كان للشيخ أحمد بن عقبة الحضرمي القادري اليمني والذي استوطن مصر تأثير كبير على الشيخ أحمد زروق، كما شهد من كراماته، وصحبه يستهدي بنصحه ثمانية شهور سلكه خلالها في طريقته القادرية وصار احد مريديه المخلصين، ثم قفل عائداً إلى بلده عام 877 هـ / 1473 م. وظل يتبادل الرسائل مع شيخه في طريق عودته إلى طرابلس الغرب فتونس و بجاية (الجزائر) و فاس التي وصلها عام 879 هـ وخرج فقهاؤها لاستقباله على أطرافها، وعاش رضي الله عنه في فاس أربع سنوات كان خلالها دائم الهجوم على الفقهاء الجاهلين، والقراء المداهنين، والصوفية المنافقين في كثير من مؤلفاته ورسائله، وقد قوبل بصعوبة وسؤ فهم، إلا انه رغم كل الصعوبات استطاع إن يجمع بعض الأتباع الذي شكلوا فيما بعد نواة الطريقة الزروقية في المغرب، وقرر أن يهجر موطنه الأول الذي تنكر له إلى مستقر جديد، فقصد بجاية عام 884 هـ / 1479 م. حيث كان له رفاق وأتباع، ثم غادرها في أواخر سنة 884 هـ إلى القاهرة للاجتماع بشيخه الحضرمي، وقضى في القاهرة بقية العام و العام الذي يليه، و جدد علاقته مع العلماء، و صار شيخاً علماً له مكانته و يتحلق من حوله طلبة العلم و الأتباع، في السنة التالية (886 هـ / 1481 م) قرر الشيخ السفر إلى مصراته بليبيا.

و قبل رحيله عن القاهرة ذهب لشيخه الحضرمي يودعه، فأخذ الحضرمي رقعة وكتب عليها هذين البيتين ورفعها إليه:

عش حامل الذكر بين الناس وارض به فذاك أسلم للدنيا وللدين

من خالط الناس لم تسلم ديانته و لم يزل بين تحريك و تسكين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير