وعلى عكس ما جرى في الاقتصاد الأمريكي وعدد من الاقتصادات الأوربية، فكل الدّول العربية لا تعاني من أزمة سيولة وليس لديها أزمة رَهن عقاري، بالطريقة التي جرت وقائعها في الولايات المتحدة وأوروبا، وإن كان يُمكن استثناء السوق العقاري الإماراتي الذي شهِد تضخُّما في السنوات القليلة الماضية، والمرجّح أن يتأثر بشحّ السيولة الدولية.
أما احتياطيات الدّول العربية، فلم تتأثر بصورة مباشرة، لاسيما التي تحتفظ بالجزء الأكبر من أموالها في مؤسسات مالية لم تتورّط في أزمة الرّهن العقاري الأمريكي والأوروبي، كما هو الحال في الاحتياطي المصري، الذي يستثمر منه 98% في أذون خزانة أمريكية وأوروبية مضمونة، حسب تأكيدات وزير المالية المصري.
كذلك، فقد أكّدت بيانات وزراء المالية في كل من السعودية والبحرين والإمارات العربية، تعهّد وضمان حكوماتهم لكامِل ودائع الأفراد في البنوك المحلية، وأفصحوا عن استعداد حكوماتهم بضخّ أموال، إن ثبت عجز السيولة في الأسواق المحلية، وهو الأمر الذي أسهم في تماسُك البنوك العربية.
واللافت للنظر هنا، أنه لم يضخّ أي بنك مركزي عربي جزءا من الأموال في الأسواق المحلية، وبما يعكِس أن التأثر في البورصات المحلية هو نتيجة عارضة، وليست نتيجة تراجُع أداء اقتصادي أو مالي هيكلي عربي.
ولكن هذا الأمر لم يمنَع قول بعض المراقبين من أن عدم اتِّخاذ هذا الإجراء هو نتيجة خوف من أنّ مزيدا من ضخّ الأموال في الأسواق الخليجية قد يؤدّي إلى خفْض سِعر العُملة الخليجية، ممّا يزيد من الخسائر الفعلية، وبالتالي، فإن عدم الضخّ قُصِد به الحفاظ على قيمة العُملة من جانب، وعدم زيادة حجم الخسائر التي وقعت بالفعل.
والاستثناء الوحيد، هو الحالة الإماراتية التي ضخّ بنكها المركزي 50 مليار درهم، بما يعكِس حجم التأثّر الكبير الذي نال من البنوك الإماراتية التي تستثمر في الولايات المتحدة وأوروبا، في حين أن مؤسّسة النقد في السعودية ما زالت مستمِرة في زيادة حجم الاحتياطي لدى بنوك، مما يَعني أن السوق النّقدي السعودية لا يحتاج لضخّ سيولة إضافية.
نحو ملاذات آمنة أكثر
وبالرغم من هذه الاختلافات المُهمّة، فإن الخسائر المالية العربية، لاسيما الخليجية، توفر أساسا للبحث الجدّي ودون تأخّر في تنويع الملاذات المالية وفكّ الارتباط بالدولار، وهو الأمر الغالِب لدى الدول الخليجية، عدا الكويت التي نوّعت احتياطيها المالي وِفقا لسلّة عُملات دولية.
لكن الملاحظ هنا، أن وزراء المالية الخليجيين لم يتحرّكوا بعدُ في إطار جماعي، وما زالت حركة كل بلد مُنفردة، ربّما انتظارا لهدوء الأسواق العالمية وحَصر الخسائر الفِعلية فيما بعد، ومن ثمّ التفكير جماعيا في سُبُل المواجهة مستقبلا.
كما أن الضرورة ـ وكدرس من الأزمة ـ أن تحدّد المصارف المركزية في الخليج نِسبة الإقراض العقاري مِن قِبل البنوك، عند معدّلات لا تزيد عن 25% من ميزانية أي بنك، وأن تقوم المصارف التي أعطَت قروضا تزيد عن النسبة المُقترحة بتقليصها إلى 25% في فترة لا تتجاوز ستة أشهر.
ومعروف أن البنك المركزي المصري يضَع سَقفا لا يتجاوز 10% من إجمالي ودائع أي بنك لاستثمارها في الرهن العقاري.
لكن مصر تظَل، ومن على شاكلتها، من الدول العربية التي تنتظر استثمارات خارجية، كالمغرب وتونس واليمن وغيرهم، سيكونون معرّضين لتأثيرات من نوع آخر، أبرزها قِلة الاستثمارات الأجنبية المُنتظرة لأغراض التنمية، ومن ثمّ ضرورة اعتماد أكبر على الموارد المحلية من أجل التنمية، التي ستأخذ فَرضا شكل الاعتماد على الذّات وتشديد دور البنك المركزي في الرّقابة على البنوك المحلية أو الفروع لبنوك أجنبية، ناهيك عن وضع ضوابط أكثر على الرّهن العقاري.
المصدر: سويس انفو
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[24 - 10 - 08, 07:12 م]ـ
(المصريون) مصطفى صلاح الشيمي: بتاريخ 21 - 10 - 2008
وتتوالى شهادات عقلاء الغرب ورجالات الاقتصاد للتنبيه إلى خطورة الأوضاع التي يقود إليها نظام الرأسمالي الليبرالي على صعيد واسع وضرورة البحث عن خيارات بديلة تصب في مجملها في خانة البديل الإسلامي، ففي كتاب صدر مؤخرا للباحثة الإيطالية لوريتا نابليوني بعنوان (اقتصاد ابن آوى) أشارت فيه إلى أهمية التمويل الإسلامي ودوره في إنقاذ الاقتصاد الغربي، واعتبرت نابليوني أن (مسئولية الوضع الطارئ في الاقتصاد العالمي والذي نعيشه اليوم ناتج عن الفساد المستشري والمضاربات التي تتحكم بالسوق والتي أدت إلى مضاعفة الآثار الاقتصادية)، وأضافت أن (التوازن في الأسواق المالية يمكن التوصل إليه بفضل التمويل الإسلامي بعد تحطيم التصنيف الغربي الذي يشبه الاقتصاد الإسلامي بالإرهاب، ورأت نابليوني أن التمويل الإسلامي هو القطاع الأكثر ديناميكية في عالم المال الكوني). وأوضحت أن (المصارف الإسلامية يمكن أن تصبح البديل المناسب للبنوك الغربية، فمع انهيار البورصات في هذه الأيام وأزمة القروض في الولايات المتحدة فإن النظام المصرفي التقليدي بدأ يظهر تصدعا ويحتاج إلى حلول جذرية عميقة).
¥