و معلوم أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم فعل السنن و التطوع في البيت إلا لعارض، كما أن هديه كان فعل الفرائض في المسجد إلا لعارض من سفر أو مرض أو غيره مما يمنعه من المسجد زاد المعاد [1/ 298]
5) ويدل عليه فعل السلف لهذه العبادة بل واشتهارها عندهم:
فقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرحاً على باب [المساجد في البيوت] من الصحيح: كان من عادة السلف أن يتخذوا في بيوتهم أماكن معدة للصلاة فيها فلو أنك ترجع إلى تتمة كلامه فهو مهم.
و قد روي عن كثير من السلف أنهم اتخذوا في بيوتهم مساجد، يخصصونها للذكر و صلاة النوافل و غير ذلك .. ومن هذه الآثار:
أ) ما رواه الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها في قصة هجرة النبي صلى الله عليه وسلم و صاحبه الصديق أبو بكر رضي الله عنه إلى المدينة و فيه كلام عائشة عن أبي بكر الصديق أنه ابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن البخاري (3905)
و عليه فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه هو أول من بنى مسجداً في بيته.
ب) و قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من سره أن يلقى الله عز وجل غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن فإن الله عز وجل شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى وإني لا أحسب منكم أحدا إلا له مسجد يصلي فيه في بيته فلو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من عبد مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يمشي إلى صلاة إلا كتب الله عز وجل له بكل خطوة يخطوها حسنة أو يرفع له بها درجة أو يكفر عنه بها خطيئة ولقد رأيتنا نقارب بين الخطا ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم نفاقه ولقد رأيت الرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. صحيح أبي داود (559)، ابن ماجة (777)، النسائي (849) الإرواء (488).
فقوله: وإني لا أحسب منكم أحدا إلا له مسجد يصلي فيه في بيته دليل على شهرة هذا الأمر بين السلف، و هو دليل على انتشار مساجد البيوت في عهد السلف الصالح رضي الله عنهم.
جـ) و هذا عبد الله بن رواحة رضي الله عنه أيضاً اتخذ مسجداً في داره، كما روى ذلك ابن ابي شيبة في المصنف، و كان إذا دخل بيته صلى ركعتين و إذا خرج صلى ركعتين، كما في الأثر الذي صححه الحافظ ابن حجر في الإصابة.
د) و روى ابن أبي شيبة في المصنف أن أبي مجلز - رضي الله عنه - قد اتخذ مسجداً في بيته؛ وربما صلى فيه بأهله و غلمانه جماعة.
ر) و جويرية - رضي الله عنها - اتخذت مسجداً في بيتها كما روى الإمام مسلم في صحيحه.
س) و زينب - رضي الله عنها - اتخذت مسجداً في بيتها أيضاً، كما روى ذلك الإمام مسلم في صحيحه كذلك.
ص) و هذا أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه اتخذ في بيته مسجداً، و أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي فيه.
ط) و هذه أم حميد رضي الله عنها أمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل. صحيح الترغيب و الترهيب [340].
ع) و هذا عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - كان له مسجداً في بيته، و قد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم. البخاري (6910)
ف) و ابراهيم النخعي - رحمه الله - كان له مسجداً في بيته أيضاً ..
فيظهر من ذلك اشتهار مساجد البيوت عند السلف، فقد بوب الإمام البخاري في صحيحه: [باب المساجد في البيوت، وصلى البراء بن عازب في مسجده في داره جماعة]، و كذا الإمام ابن ماجة: [باب المساجد في الدور].
هيئته
إما أن يكون مسجد البيت غرفة كاملة من البيت تتخذ مسجداً، أو يخصص موضع معين في إحدى نواحي غرفة من غرف البيت.
هل له حكم المسجد العام؟!
كلا، ليس لمسجد البيت حكم المساجد العامة، فلا يسن للداخل إليه أن يصلي ركعتين تحية للمسجد، ولا يكون فيه اعتكاف، و يمكث فيه الحائض و الجنب، و يدخله من أكل ثوماً أو بصلاً، و يجوز بيعه إذ بيع البيت فإن اتخاذ تلك البقعة مكاناً مخصصاً للصلاة في البيت، لم تصيره و قفاً لله يحرم بيعه.
¥