تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مساجلة علمية بين فاضلين حول التوسعة على العيال في عاشوراء]

ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[12 - 03 - 03, 10:55 م]ـ

مقدمة:

هذه مساجلة علمية جرت بين عالمين جزائريين سنة 1355 هـ (1936 م) وموضوعها: التوسعة على العيال في عاشوراء، رأيت أن أنشرها في هذا المنتدى المبارك تعريفا للمشارقة بالدعوة الإصلاحية السلفية التي قامت في الجزائر وأشعّ نورها وانتشر أثرها في المغرب الإسلامي كافة على يد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الموقّرة.

وقبل ذكر المساجلة، أود أن أنبه على أمور:

- كانت الجزائر آنذاك محتلة من طرف فرنسا

- منذ اللحظات الأولى من الاحتلال صادرت السلطات الفرنسية جميع أملاك الوقف وضمّتها لأملاك الدولة الفرنسية ومن هنا نضب معين التعليم والمعلمين وتوقفت الحياة العلمية وشغرت المساجد والمدارس.

- أشرفت السلطات الفرنسية على تعيين الأئمة والمفتين والقضاة الشرعيين، رغم ادعائها أنها دولة لائيكية علمانية تفصل الدين عن الدولة.

- لم يكن يسمح للعالم بإلقاء الدروس إلا برخصة تمنحها له الدولة الفرنسية، وكان الفرنسيون لا يسمحون غالبا إلا بتحفيظ القرآن فقط.

- لم يكن السفر للحج أو لطلب العلم في البلدان الإسلامية الأخرى ممكنا إلا برخصة تمنحها الدولة الفرنسية أيضا.

من أجل ذلك كله وغيره قل العلم وانتشر الجهل وصار الذي يحفظ القرآن عن ظهر قلب يعتبر عالما في قريته أو في حيه، والذي يحفظ "مختصر خليل" في الفقه المالكي قد بلغ الغاية في العلم، وساعد على انتشار الجهل كثرة الطرق الصوفية وفشو البدع من تقديس للقبور والأضرحة وغيرها.

في هذا الواقع المر كانت هذه المساجلة بين الشيخين أبي يعلى الزواوي وعمر بن البسكري:

- أما الشيخ أبو يعلى الزواوي فقد لقبه صديقه الشيخ الطيب العقبي بشيخ الشباب وشاب الشيوخ، وهو من شيوخ الدعوة الإصلاحية الذين التحقوا بجمعية العلماء على كبر، وقد كان سنه حين المساجلة 74 سنة. وقد طاف بالبلاد الإسلامية فزار تونس ومصر وسوريا وكانت له علاقات طيبة مع عدد من المشايخ منهم رشيد رضا ومحمد الخضر حسين وطاهر الجزائري، وكتب في عدد من الصحف كالمقتبس والمنار والفتح. ومن مؤلفاته: الإسلام الصحيح وجماعة المسلمين. وقد عمّر طويلا حتى بلغ التسعين وتوفي سنة 1372 هـ (1952 م).

- وأما الشيخ عمر بن البسكري فهو أصغر منه سنا بكثير فقد كان سنه حين المساجلة 37 سنة. وقد التحق بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين حين إنشائها ودرس في مدارسها وكتب في صحفها وكان له في ذلك البلاء الحسن. وقد كان كثير العناية بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وقد عاش إلى أن استقلت الجزائر وتوفي سنة 1386 هـ (1968 م).

المساجلة العلمية:

وإليكم نص المساجلة العلمية وفيها الأدب الجم في الحوار بين أهل العلم، وفيها كذلك تواضع الشيخ أبي يعلى وقبوله للنصيحة من الشيخ عمر بن البسكري وهو أصغر منه سنا، فحيا الله تلك النفوس الطاهرة.

جاء في العدد 15 من جريدة البصائر الصادر يوم 25 محرم 1355 هـ (17 أبريل 1936 م)

تحت عنوان:

قسم الفتوى

سأل السيد محمد بن عبد الله الطنجي الساكن في (البليدة) بقوله: أفتى بعض الطلبة بجواز التوسعة على العيال يوم عاشوراء واعتمد في فتواه تلك حديث: من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عنه سائر سنته وهل هذا الحديث الذي استدل به صحيح أو حسن أو ضعيف أو موضوع أفيدونا تؤجروا.

الجواب: أصاب من أفتى بذلك وأن التوسعة على العيال مطلوبة في المواسم كلها وفي غير المواسم قال تعالى: "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله".

والحديث في معجم الطبراني ولفظه: "من وسع على عياله في يوم عاشوراء وسع الله عليه في سنته كلها". قلت: وأجبنا هذا السائل أخذا لخاطره فقط ومن حيث السؤال على الحديث وإلا فإن الإنفاق على العيال لا يستفتى فيه إنما يستفتى في عدم الإنفاق إن استطاع وبخل.

أبو يعلى الزواوي

فرد عليه الشيخ عمر بن البسكري في العدد 20 من الجريدة نفسها الصادر يوم 1 ربيع الأول 1355 هـ (22 مايو 1936 م):

وتعاونوا على البر والتقوى

كتاب كريم إلى أخ كريم

بسم الله الرحمن الرحيم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير