[الرد على ابن حزم رحمه الله في المسألة العمرية]
ـ[أبو مقبل]ــــــــ[15 - 03 - 03, 11:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[الرد على ابن حزم رحمه الله في المسألة العمرية]
الحمد الله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن والاه , أما بعد:
فلا يكفي في إهمال قول ابن حزم رحمه الله في نصرة مذهب ابن عباس t وغيره من الصحابة في المسألة العمرية وترك النظر إليه , بأن يقال: بأن مذهب قد هجره العلماء , وتوافروا على التدين بضده , والتعويل عليه , لا سيما مع وجاهته من الناحية العلمية عند بعض المحققين من أهل العلم , يقول الموفق ابن قدامة المقدسي رحمه الله: " والحجة معه لولا انعقاد الإجماع من الصحابة على مخالفته " (1) , وذكر العلامة الرافعي نحوه (2) , ولذلك فسوف نعرض له بالإضافة إلى وجهة نظر جمهور الفقهاء في هذه العجالة بحسب ما يقتضيه النظر الفقهي.
وقد حاولت في هذا البحث المتواضع الإجابة على أدلة ابن حزم رحمه الله التي أوردها في كتابه العظيم " المحلى شرح المجلى " , والتي هاجم فيها قول جماهير الأمة في ترجيحهم لمذهب عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم في المسألتين الملقبتين بالعمريتين منتصرا لمذهب ابن عباس فيها لموافقته ظاهر القرآن الكريم وذلك تمشيا مع ظاهريته المعروفة عنه , وقد جمعت من كلام أهل العلم والفضل والفقه والحديث ما يتحصل به الرد عليه , ولم يكن لي من جهد سوى نقل كلامهم وترتيبه وصياغته وتنسيق عبارته , وتخريج أحاديثه ونحو ذلك؛ فإن في كلامهم ما يغني ويكفي.
وأود الإشارة إلى أن ذلك لا يعني إفحام الإمام الحافظ الفقيه ابن حزم الظاهري رحمه الله؛ فلقد كان قوي العارضة شديد المعارضة كما يصفه بذلك من ترجم له (3).
وأسأل الله التوفيق والسداد , والإرشاد إلى الصواب في القول والعمل , فإن يكن من صواب فمنه سبحانه , ومن زلل وخطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله r برئيان منه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
فأقول وبالله التوفيق:
الأصل والقاعدة المطردة في المواريث:
أنه إذا اجتمع ذكر وأنثى من درجة واحدة: أن يكون للذكر ضعف ما للأنثى (4) , فيأخذ مثلي ما تأخذه , وتأخذ هي نصف ما يأخذه الذكر (5).
وهذه القاعدة جارية في ميراث الزوجين والأبوين , وفي ميراث الأولاد والأخوة الأشقاء والأخوة لأب؛ فإعطاء الذكر مثل حظ الأنثى معتبر فيمن يدلي بنفسه أو بعصبه (6).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وليس الذكر كالأنثى: لا في باب الزوجية , ولا في الأبوين , ولا في الأولاد والأخوة لأب " (7).
وعلى هذا الأساس بنى جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الأربعة (8) رأيهم في تعديل الفريضة الملقبة بالمسألة العمرية (9) , وهي: أبوان وزوج , وأبوان وزوجة , فتركوا ظاهر القرآن الكريم في قوله تعالى:] … فلأمه الثلث [(10) في حق الأم , وأولوه بأن لها ثلث الباقي بعد فرض الزوجين لئلا يلزم تفضيلها عليه مع تساويها في القرب والرتبة (11).
وهذا ما يقتضيه القياس المحض؛ فإن الأم مع الأب , كالبنت مع الابن , والأخت مع الأخ , والزوجة مع الزوج؛ حيث تعطى الأنثى نصف نصيب الذكر؛ لأنهما من جنس واحد , وفي طبقة واحدة (12).
كما أن مذهب الجمهور يترجح لموافقته وضع الشرع في الفرائض؛ لخلوه عن الإفضاء إلى تفضيل الأنثى على الذكر المساوي لها في الجهة والقرب , بل الأقوى منها في الإرث بدليل إضعافه عليها عند انفرادها عن أحد الزوجين , وكونه صاحب فرض وعصبة (13).
وبذلك علل زيد بن ثابت t مخالفا لابن عباس رضي الله عنهما , فقد أخرج عبدالرزاق والبيهقي عن عكرمة , قال: (أرسلني ابن عباس إلى زيد ابن ثابت أسأله عن زوج وأبوين , فقال زيد: للزوج النصف , وللأم ثلث ما بقي , وللأب بقية المال , فأرسل إليه ابن عباس: أفي كتاب الله تجد هذا؟ قال: لا , ولكن أكره أن أفضل أما على أب) (14).
وأيضا؛ فإن مذهبهم يعضده القياس الأصولي , وذلك من وجهين:
الوجه الأول: أن الأب والأم إذا انفردا في وراثة جميع المال , ليس معهما غيرهما , كان للأم الثلث , وللأب الباقي وهو الثلثان؛ فكذلك يجب أن يكون الحال فيما بقي بعد فرض الزوجين , أي: ثلث وثلثان , قياسا (15).
قال القرطبي رحمه الله تعالى:
¥