تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأَمَانَةُ العِلْمِيَةُ. (3)

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[11 - 03 - 03, 07:25 ص]ـ

أَحمدُك اللهم على تمامِ منتك، و أصلي و أسلم على صفوة خليقتك، و أديم الترضي و الترحم على سادة ملتك.

أما بعد:

فهذا تمامُ هذا المطروح (الأمانة العلمية) و قد سبقه حلقتان، هما هنا _ لمن أراد إتمام وَصْلِ الموضوع _:

1) http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6551&highlight=%C7%E1%C3%E3%C7%E4%C9

------

2) http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6698&highlight=%C7%E1%C3%E3%C7%E4%C9


القِسمُ الثالث: الأمانةُ في الطَّرْح.
هذا القسمُ من أكثرِ الأقسام انتشاراً بين المنتسبين إلى العلم و المعارف، و ما أكثرَ زلَلَهُم في هذا المحلِّ، و ما أشدَّ استغفالهم لأنفسهم و لغيرهم.
و المُتَبَصِّرُ في أحوالِ القوم المعرفيين يرى ظهورَ ذلك بيناً واضحاً، فليس بالخافي الغائب، يأتي أنبلهم فيلقي ما في جعبتهِ من معرفةٍ بين أقوام سلبهم منه حُسْنُ لفظه، و جمالُ طرْحه، و في التحقيق ليس بمن يُحفَلُ به، و لا ممن يُفرَحُ بطرحه، و لكن استخفاف القوم سبيلُ طاعة.
و (الأمانة العلميةُ) في الطرحِ تُفْتَقَدُ في محلَّيْن:
المحلُّ الأول: التأهل.
و أعني به: كون الطارحِ متأهلاً لأن يكون موضعاً لأخذ العلم عنه. و التأهلُ نوعان:
أولهما: تأهُّلُ تعليمٍ.
و يُرادُ به كونُ الرجلِ متأهلاً لأن يكون طارحاً للعلم بين مستحقيه، و هذه الأهليةُ جهتان:
الأولى: أهليةُ علمٍ، بأن يكون على علمٍ بما يطرحهُ مشهوداً له فيه، متقناً لمسائلِه، قال ابنُ جماعة _ رحمه الله _: بل يعتمدُ في كلِّ فنٍّ مَنْ هو أحسنُ تعليماً له، و أكثرُ تحقيقاً فيه و تحصيلاً منه، و أخبرهم بالكتاب الذي قرأه. أ، هـ[التذكرة: 169_170].
و المُشاهَدُ الآن في أحوال المتصدرين للتعلم تراهم لم يُتقِنوا أصولَ الفنِّ الذي يُدرِّسُونه، فضلاً عن التحقيق في الفن ذاته، بل ربما لم يَفْقَه المتن و لم يفهمه، و غايةُ جَهدِه أن جعلَ في ضمائمِ مؤهلاته ورقةً يفخَرُ بها بغير حقٍّ و أدب.
و ما صنيعُ هؤلاء إلا خِيانةً للعلم و أهله، و غُروراً بمجموع ذهنه.
الثانية: أهليةُ سِنٍّ، أخذَ أهل العلم بأن التعليم لا يكون إلا في بلوغِ سِنٍّ مُعَينةٍ إذا بلغها الرجل تصدَّرَ للتعليم، و لهم في ذلك إعلالٌ، و حاصلُه علتان:
أولاهما: عدمُ النُّضْج، حيث لا يكون تمام العقل إلا في الأربعين حيثُ سنُّ الأشدِّ.
الثانية: الاحتقارُ الذي يَلْحَقُ الحَدَثَ، قال ابن المُعتزِّ: جهلُ الشبابِ معذور، و علمه محقور. [فتح المغيث، السخاوي، 233:3].
إلا أن المُعتمَدَ هو الفهمُ للعلم لا السِّنُّ، و التراجُمُ مليئةٌ بأخبارِ من تأهلَ للإفتاء و التعليم في الصِّغَر، و الأخذ بالقولةِ الشهيرة في النهي عن الأخذ من الأصاغر يُرادُ بها صغارُ العلم أو المبتدعة.
إذا بانَ هذا فإن من الإخلال بـ (الأمانة العلمية) تَصدُّرُ من لم يتأهل في العلم للتعليم، و ما أكثرهم في هذا الزمان _ لا كثرهم الله _، و ما يفسدونه أكثر مما يُصلحونه.

النوعُ الثاني: تأهُّلُ استنباط.
معلومٌ أن الله تعبدنا بما في كتابه، و ما جاءت به سنة نبيه _ صلى الله عليه و سلم _، على وَفْقِ ما قرره الفقهاء العالمون، و هذا أمرٌ مُسَلَّمٌ به عند الأغلبين، و لا يماري فيه إلا أحمق جاهل.
و أولئك العلماءُ الفقهاءُ هم المتأهلون للنظرِ في الوحيين استنباطاً منهما للأحكام الشرعية، فكان المكلفون بالنسبة لأدلة الشرع قسمين:
الأول: قادرٌ على الأخذ للأحكام من أدلتها بطريق الاجتهاد، و هؤلاء هم المجتهدون.
الثاني: بخلافهم، و هم المقلدون.
و هذه القسمة هي التي سلكها كثيرٌ من أهل العلم و الفقه في سائر الأزمنة و الأمكنة، و لم يخالفها إلا قوم لا خلاق لهم من علم و فقه.
فالمجتهد الناظرُ في الكتاب و السنة نظرَ استنباطٍ و استخراجٍ للأحكام هو من توافرت فيه شروط:
1 - مَعْرِفَةٌ بالكِتَابِ، و المُرادُ إدْرَاكُ فِقْه آياتِ الكتاب، و الإلمامُ بمعانيها، و المُتَعَيِّنُ منها آياتُ الأحكام.
2 - مَعْرِفَةٌ بالسُّنَّة، و هي كالسابق في حَدِّ المُراد.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير