[(بيع التورق)]
ـ[أبو مقبل]ــــــــ[15 - 03 - 03, 11:21 م]ـ
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه
أجمعين ثم أما بعد:
فقد انتشر بين الناس في عصرنا (بيع التورق) وقد كثر الجدال
فيها، والخلاف فيها قديم، قدذكره أهل العلم في غير موضع، واحتج كل بدليله،
وفيما يلي مبحث مختصر، في هذه المسألة، مع نقل لبعض
الفتاوى المعاصرة، بغية توضيح المسألة، والله تعالى أسال أن ينفع بها، ويجعل لي ثوابها ذخرا ليوم القيامة.
أولا: تعريف التورق:
جاء في الموسوعة الفقهية في الجزء الرابع عشر:
(التَّوَرُّقُ مَصْدَرُ تَوَرَّقَ , يُقَالُ تَوَرَّقَ الْحَيَوَانُ: أَيْ أَكَلَ الْوَرَقَ , وَالْوَرِقُ بِكَسْرِ الرَّاءِ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ مِنْ الْفِضَّةِ , وَقِيلَ: الْفِضَّةُ مَضْرُوبَةً أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ. وَالتَّوَرُّقُ فِي الاصْطِلاحِ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً نَسِيئَةً , ثُمَّ يَبِيعَهَا نَقْدًا - لِغَيْرِ الْبَائِعِ - بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ ; لِيَحْصُلَ بِذَلِكَ عَلَى النَّقْدِ. وَلَمْ تَرِدْ التَّسْمِيَةُ بِهَذَا الْمُصْطَلَحِ إلاعِنْدَ فُقَهَاءِ الْحَنَابِلَةِ , أَمَّا غَيْرُهُمْ فَقَدْ تَكَلَّمُوا عَنْهَا فِي مَسَائِلِ (بَيْعِ الْعِينَةِ).
(الْعِينَةُ):
الْعِينَةُ لُغَةً السَّلَفُ , وَاصْطِلاحًا: أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً نَسِيئَةً , ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا الْبَائِعُ نَفْسُهُ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَقَلَّ مِنْهُ. وَلاصِلَةَ بَيْنَ التَّوَرُّقِ وَبَيْنَ الْعِينَةِ إلا فِي تَحْصِيلِ النَّقْدِ الْحَالِّ فِيهِمَا , وَفِيمَا وَرَاءَهُ مُتَبَايِنَانِ ; لانَّ الْعِينَةَ لا بُدَّ فِيهَا مِنْ رُجُوعِ السِّلْعَةِ إلَى الْبَائِعِ الاوَّلِ بِخِلافِ التَّوَرُّقِ , فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رُجُوعُ الْعَيْنِ إلَى الْبَائِعِ , إنَّمَا هُوَ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِيمَا مَلَكَهُ كَيْفَ شَاءَ)
ــــــــــــــــــــ
ثم قالت الموسوعة: (جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى إبَاحَتِهِ سَوَاءٌ مَنْ سَمَّاهُ تَوَرُّقًا وَهُمْ الْحَنَابِلَةُ أَوْ مَنْ لَمْ يُسَمِّهِ بِهَذَا الِاسْمِ وَهُمْ مَنْ عَدَا الْحَنَابِلَةِ.
لِعُمُومِ قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم - لِعَامِلِهِ عَلَى خَيْبَرَ: {بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا} وَلانَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ قَصْدُ الرِّبَا وَلا صُورَتُهُ.
وَكَرِهَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: هُوَ خِلافُ الاوْلَى , وَاخْتَارَ تَحْرِيمَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ لانَّهُ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إبَاحَتُهُ.) أ. هـ.
ـــــــــــــــــــ
وفيما يلي نقول لأقوال المبيحين له:
أ – الحنفية:
قال محمد بن فرموزا في درر الحكام (ج 2 ص 305): " ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَاَلَّذِي فِي قَلْبِي أَنَّهُ إذَا أَخَذَ ثَوْبًا بِثَمَنٍ مِنْ غَيْرِ اقْتِرَاضٍ وَرَدَّ بَعْضًا مِنْ الثَّمَنِ وَيَبِيعُهَا لِغَيْرِ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ فَلا كَرَاهَةَ فِيهِ ". اهـ
ـــــــــــــــــــ
ب – المالكية:
قال الحطاب في مواهب الخليل (ج 4 ص 404): " أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ مِنْهُمْ يَعْنِي مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَيَقُولَ هَلْ عِنْدَك سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا أَبْتَاعُهَا مِنْكَ وَفِي الْبَيَانِ تَبِيعُهَا مِنِّي بِدَيْنٍ.
فَيَقُولَ لا فَيَنْقَلِبَ عَنْهُ عَلَى غَيْرِ مُرَاوَضَةٍ وَلا مُوَاعَدَةٍ , فَيَشْتَرِي الْمَسْئُولُ تِلْكَ السِّلْعَةَ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْهَا ثُمَّ يَلْقَاهُ فَيُخْبِرُهُ أَنَّهُ اشْتَرَى السِّلْعَةَ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْهَا فَيَبِيعُهَا مِنْهُ.
قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِمَا شَاءَ مِنْ نَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ.
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ فَيَبِيعُ ذَلِكَ مِنْهُ بِدَيْنٍ.
¥