وَقَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْجَائِزُ لِمَنْ لَمْ يَتَوَاعَدَا عَلَى شَيْءٍ وَلا يَتَرَاوَضُ مَعَ الْمُشْتَرِي كَالرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ، أَعِنْدَكَ سِلْعَةَ كَذَا فَيَقُولُ لا فَيَنْقَلِبُ عَلَى غَيْرِ مُوَاعَدَةٍ، وَيَشْتَرِيهَا ثُمَّ يَلْقَاهُ صَاحِبُهُ، فَيَقُولُ تِلْكَ السِّلْعَةُ عِنْدِي فَهَذَا جَائِزٌ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُ بِمَا شَاءَ مِنْ نَقْدٍ وَكَالِئٍ، وَنَحْوِهِ لِمُطَرِّفٍ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا لَمْ يَكُنْ تَعْرِيضٌ أَوْ مُوَاعَدَةٌ أَوْ عَادَةٌ، قَالَ وَكَذَلِكَ مَا اشْتَرَاهُ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ بَعْدَهُ لِمَنْ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ بِنَقْدٍ أَوْ كَالِئٍ، وَلا يُوَاعِدُ فِي ذَلِكَ أَحَدًا يَشْتَرِيهِ وَمِنْهُ لَا يَبِيعُهُ لَهُ.
وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَبِيعُهَا أَوْ يَبِيعُ دَارَ سُكْنَاهُ ثُمَّ تَشُقُّ عَلَيْهِ النَّقْلَةُ مِنْهَا فَيَشْتَرِيهَا أَوْ الْجَارِيَةَ ثُمَّ تَتْبَعُهَا نَفْسُهُ، فَهَؤُلاءِ إمَّا اسْتَقَالُوا أَوْ زَادُوا فِي الثَّمَنِ فَلا بَأْسَ بِهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ مُزَيْنٍ: لَوْ كَانَ مُشْتَرِي السِّلْعَةِ يُرِيدُ بَيْعَهَا سَاعَتَئِذٍ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَلا يُنْظَرُ إلَى الْبَائِعِ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ أَمْ لا , قَالَ فَيُلْحَقُ هَذَا الْوَجْهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى قَوْلِهِ بِالْمَكْرُوهِ ا هـ. , فَيَكُونُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ هَذَا الْوَجْهُ مُخْتَلَفًا فِيهِ , وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ جَائِزٌ وَقَوْلُ ابْنِ مُزَيْنٍ إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ فِي جَوَازِهِ خِلافًا ".اهـ
ــــــــــــــــ
ج – الشافعية:
قال الرملي في نهاية المحتاج ج3: " (قَوْلُهُ: كَمَالُ اللاوِي) أَيْ الْمُمْتَنِعُ مِنْ تَوْفِيَةِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ بِمُحَابَاةٍ) قَدْ يُقَالُ الْمَطْلُوبُ الْمُحَابَاةُ لَا نَفْسُ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ كَانَ مَطْلُوبًا. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ فِي الْمُعْتَلِّ: وَحَابَى فِي الْمَبِيعِ مُحَابَاةً ا هـ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ الْعِينَةِ) وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ شَخْصٍ شَيْئًا بِثَمَنٍ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ يَسْتَرِدُّهُ الْبَائِعُ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ حَالٍّ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعَلْقَمِيِّ فِي حَوَاشِي الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم {إذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ} إلَخْ مَا نَصُّهُ: الْعِينَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ التَّحْتِيَّةِ وَبِالنُّونِ هُوَ أَنْ يَبِيعَهُ عَيْنًا بِثَمَنٍ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ وَيُسَلِّمَهَا لَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِنَقْدٍ يَسِيرٍ يَبْقَى الْكَثِيرُ فِي ذِمَّتِهِ , أَوْ يَبِيعُهُ عَيْنًا بِثَمَنٍ يَسِيرٍ نَقْدًا وَيُسَلِّمُهَا لَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ سَوَاءٌ قَبَضَ الثَّمَنَ الاوَّلَ أَوْ لا ا هـ (قَوْلُهُ: وَلا يُنَافِي الْجَوَازَ) أَيْ جَوَازَ الْبَيْعِ." اهـ
ــــــــــــــــــــ
د – الحنابلة: (وهم الذين يطلقون عليه التورق)
قال المرداوي في الإنصاف (ج 4 ص 337): " فَائِدَةٌ: لَوْ احْتَاجَ إلَى نَقْدٍ , فَاشْتَرَى مَا يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ. فَلا بَأْسَ. نُصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الاصْحَابُ. وَهِيَ مَسْأَلَةُ التَّوَرُّقِ.
وَعَنْهُ يُكْرَهُ.
وَعَنْهُ يَحْرُمُ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
فَإِنْ بَاعَهُ لِمَنْ اشْتَرَى مِنْهُ: لَمْ يَجُزْ. وَهِيَ , الْعِينَةُ. نُصَّ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ بَاعَ مَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا نَسِيئَةً , ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ بِثَمَنِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ جِنْسِهِ , أَوْ مَا لا يَجُوزُ بَيْعُهُ نَسِيئَةً: لَمْ يَجُزْ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصْحَابِ.
وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا , إذَا لَمْ يَكُنْ حِيلَةٌ.
¥