6. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: " لأقَرِّبَنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ ". متفق عليه.
7. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: " قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ " أخرجه أحمد وأبو داود وسنده جيد. قال النووي: " رواه أبو داود بإسناد حسن أو صحيح " (المجموع3/ 482). وقال ابن القيم: " حديث صحيح " (زاد المعاد 1/ 280). وحسنه الألباني (انظر صحيح سنن أبي داود ح1443).
ويتبين من هذه الأحاديث أمور:
1. مشروعية القنوت في النوازل. قال ابن تيمية: " القنوت مسنون عند النوازل، وهذا القول هو الذي عليه فقهاء أهل الحديث، وهو المأثور عن الخلفاء الراشدين ". (مجموع الفتاوى 23/ 108).
2. أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت في النوازل في الصلوات الخمس كلها، وثبت في صحيح البخاري منها: الفجر والظهر والمغرب والعشاء. أما العصر فقد ثبت عند أحمد وأبي داود بسند جيد كما سبق.
3. أن أكثر ما رواه الصحابة في قنوت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فيما يظهر من هذه الأحاديث وغيرها ـ كان في الفجر، ثم المغرب والعشاء، ثم الظهر، ثم العصر.
قال ابن تيمية رحمه الله: " .. فيشرع أن يقنت عند النوازل يدعو للمؤمنين ويدعو على الكفار في الفجر وغيرها من الصلوات، وهكذا كان عمر يقنت لما حارب النصارى بدعائه الذي فيه (اللهم العن كفرة أهل الكتاب) " (مجموع الفتاوى 22/ 270).
وقال أيضاً: " وأكثر قنوته ـ يعني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كان في الفجر ". (مجموع الفتاوى 22/ 269).
وقال ابن القيم: " وكان هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القنوت في النوازل خاصة، وترْكَه عند عدمها، ولم يكن يخصه بالفجر، بل كان أكثر قنوته فيها ". (زاد المعاد 1/ 273).
4. أن قنوت النوازل إنما يكون في الركعة الأخيرة، و أن محله بعد الرفع من الركوع.
ثانياً: المشروع أن يكون القنوت يسيراً. فيبتعد عن الإطالة لحديث أَنَسٍ رضي الله عنه لما سئل: هَلْ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ؟ قَالَ: " نَعَمْ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا " أخرجه مسلم. وقد ظهر لنا من الأحاديث السابقة أن قنوت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان جُملاً قليلة. والسعيد من وفق لسنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثالثاً: الاقتصار في الدعاء على النازلة. فلا يزيد في قنوته أدعية أخرى، وإنما يقتصر على النازلة كما فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والذي يظهر من الأدلة السابقة وغيرها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يكرر الدعاء نفسه في قنوته حينما قنت شهراً، وربما كان بينها اختلاف يسير.
رابعاً: القنوت مشروع عند وجود سببه (وهو النازلة بالمسلمين) فإذا زال السبب ترك القنوت. أما قنوت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهراً فليس مقصوداً منه التحديد؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك القنوت لما زال سببه بقدوم من قنت لهم، كما يدل على ذلك حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ فِي صَلَاةٍ شَهْرًا إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ يَقُولُ فِي قُنُوتِهِ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ نَجِّ
¥