تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والذي ينظر للتاريخ الإسلامي من خلال كتاب الأخبار الطوال لا يجد إلا صورة قاتمة من الصراع الداخلي، والتطاحن على الملك، والعصبية، ولا نتهم الدينوري باختراع الأخبار من عند نفسه، لكن طريقة العرض والانتقاء كان لها الدور في رسم مثل هذه الصورة.

وكتاب الأخبار الطوال للدينوري غير واضح التأثير في الكتابة التاريخية لاقتصاره على اتجاه واحد هو الاتجاه الشعوبي، كما أن المؤرخين من بعده لم يحلوه بمنزلة رفيعة، كما فعلوا بتاريخ خياط، رغم وجازته واختصاره، أو تاريخ أبي جعفر الطبري، لذلك نجد الاقتباسات عنه في المصادر المتأخرة قليلة.

منهج كتابة التاريخ الإسلامي، للدكتور محمد بن صامل السلمي، ص 516


### الأموال ###

المؤلف:

هو الإمام الحافظ المجتهد أبو عبيد القاسم بن سلام بن عبد الله، ولد بهراة من أعمال خراسان سنة 157هـ، وكان والده مملوكاً رومياً لرجل من أهل هراة وتعلم القرآن في كتابها، ولما شب رحل في طلب العلم إلى البصرة وإلى الكوفة، هناك التقى بكبار علماء العربية في عصره، فأخذ قراءة القرآن عن أبي الحسن الكسائي، وأخذ العربية عن أبي عبيدة معمر بن المثنى، وأبي زيد الأنصاري وغيرهما.

ثم رجع إلى خراسان وعمل مؤدباً لأولاد هرثمة بن أعين، أحد قادة هارون الرشيد ثم تحول منها إلى مرو، وأخذ يواصل عمله في التأديب والتعليم، وشاء الله أن يمر بهذه المدينة طاهر بن الحسين وهو في طريقة إلى خراسان، فطلب رجلاً يحدثه ليلة فقيل: ما ها هنا إلا رجل مؤدب. فأدخل أبو عبيد عليه، فلما حادثه وجده أعلم الناس بالأيام والنحو واللغة والفقه. فقال له: من المظالم تركك بهذا البلد، ودفع إليه ألف دينار، وقال له: أنا متوجه إلى خراسان في حرب ولست أحب استصحابك خوفاً عليك فأنفق من هذا المال حتى أعود إليك، فألف أبو عبيد في هذه الفترة كتابه غريب المصنف، فلما عاد طاهر حمله معه إلى (سر من رأى) ثم شاء الله أن يتعرف عليه ثابت بن نصر بن مالك الخزاعي، فأخذه مؤدباً لأولاده، لما تولى طرسوس حمل معه أبا عبيد وولاه القضاء بها، وبقي قاضياً بتلك البلدة ثمانية عشر عاماً، ثم ترك القضاء ورحل إلى مصر، ثم عاد إلى بغداد واستقر بها، وأخذ يصنف، ثم قدم مكة حاجاً وبقي بها إلى أن توفي سنة 224هـ.

وقد أخذ العلم عن خلق كثير في العربية والأدب والفقه والحديث، فمن شيوخه: إسماعيل بن جعفر، وشريك بن عبد الله، وسفيان بن عيينة، ويحيى القطان، وابن المهدي، ويزيد بن هارون، وخلق كثير.

وقد حدث عنه أبو بكر الصاغاني، وأحمد بن يوسف، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وعباس الدروي، وأحمد بن يحيى البلاذري، وغيرهم.

وقد أثنى العلماء على أبي عبيد فقال ابن سعد: (كان مؤدباً صاحب نحو وعربية وطلب للحديث والفقه). وقال الإمام أحمد: أبو عبيد أستاذ، ولما عرض عليه كتاب (غريب الحديث) لأبي عبيد استحسنه وقال: جزاه الله خيراً. وقيل إنه استنسخه بيده، وقال ابن معين: ثقة، وقال الآجري: عن أبي داود، ثقة مأمون. وقال الدارقطني: ثقة إمام جبل. وقال الحاكم: هو الإمام المقبول عند الكل. وقال إبراهيم الحربي: أدركت ثلاثة لن ترى مثلهم أبداً، تعجز النساء أن يلدن مثلهم، رأيت أبا عبيد ما مثلته إلا بجبل نفخ فيه الروح. وقال أيضاً: كان يحسن كل شيء إلا الحديث فإنها صناعة أحمد، ويحيى. وقال إسحاق بن راهويه: - الحق يحبه الله - أبو عبيد أفقه مني وأعلم مني)، وكان يقرن في الفقه والاجتهاد بالإمامين الشافعي، وأحمد بن حنبل.

وقال ابن درستويه النحوي: (وكان أبو عبيد ذا دين وفضل وستر ومذهب حسن، روى الناس من كتبه المصنفة في القرآن، والفقه، والغريب، والأمثال، وغير ذلك بضعاً وعشرين كتاباً، وكتبه مستحسنة مطلوبة في كل بلد).

وقال ابن أبي حاتم: (سألت أبي عنه فقال: كنت أراه في مسجده وقد أحدق به قوم معلمون، ولم أر عنده أهل الحديث فلم أكتب عنه، وهو صدوق).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير