تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والجديد في منهج أبي عبيد هو بروز شخصيته وبيان رأيه وتأويله للنصوص التي تخالفه، ومناقشته للعلماء والرد عليهم، وترجيحه للمسائل، وقوة استدلاله مما كان يفتقد عند كثير من معاصريه، إذ يختفون وراء الأسانيد ويكتفون بإيرادها دون التدخل في مناقشتها والترجيح بينهما.

فهو أوضح من أبي يوسف، رغم أن أبا يوسف من مدرسة الرأي، وموضوع كتابي أبي يوسف وأبي عبيد واحد، إلا أن طريقة المعالجة تختلف، فأبو يوسف كان مع بيانه للموارد المالية للدولة الإسلامية، يركز على الوسائل التي تساعد على استقرار النظام المالي، مثل إقامة العدل من أخذ الأموال من حقها وصرفها في مستحقها، وتنفيذ الحدود الشرعية، أما أبو عبيد فإنه ركز على بيان الأحكام الشرعية في جباية موارد الدولة الإسلامية ومصارفها دون أن يجعل نصب عينيه انحرافاً معيناً يريد علاجه.

وما قلناه عن كتاب الخراج وأثره في الكتابة التاريخية يمكن أن يقال هنا عن كتاب الأموال لأبي عبيد.

منهج كتابة التاريخ الإسلامي، للدكتور محمد صامل السلمي، ص506


### الخراج ###

المؤلف:

هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن حبيش بن سعد الأنصاري الكوفي، قاضي القضاة في أيام هارون الرشيد.

ولد أبو يوسف في الكوفة سنة 113هـ، وقد نشأ في أسرة فقيرة فطلب الحديث في أول أمره، ثم لزم أبا حنيفة وتفقه على مذهبه، ويقال: إن أمه منعته من طلب العلم وأمرته أن يعمل ليكسب لهم رزقاً، فانقطع عن مجلس أبي حنيفة فترة، فلما عاد سأله عن انقطاعه فأخبر بالأمر فدفع له أبو حنيفة مائة درهم على أن يلزم حلقة العلم معه وقال: إذا انتهت فأعلمني. وكان أبو حنيفة يتعاهده بالمائة بعد الأخرى، ولذلك تفقه عليه ونشر مذهبه وأحبه حتى كان يدعو له دبر كل صلاة.

وقد حدث عن هشام بن عروة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعطاء بن السائب، ويزيد بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، وأبي إسحاق الشيباني، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وسليمان الأعمش، وغيرهم.

وأخذ عنه العلم محمد بن الحسن الشيباني، وبشر بن الوليد الكندي، وأحمد بن حنبل، وكان أول شيوخه في الحديث، ويحيى بن معين، وعمرو بن محمد الناقد، وأحمد بن منيع، وعلي بن مسلم الطوسي، وغيرهم وكانت وفاته سنة 182هـ عن تسع وستين سنة، وتولى القضاء ستة عشر عاماً.

وقد أثنى عليه العلماء في عصره، وتكلم فيه بعض النقاد لأمور أخذوها عليه. فعن محمد بن الحسن قال: مرض أبو يوسف فعاده أبو حنيفة فلما خرج قال: إن يمت هذا الفتى فهو أعلم من عليها. وقال أحمد بن حنبل: أول ما كتبت الحديث اختلف إلي أبو يوسف، وكان أميل إلى المحدثين من أبي حنيفة، ومحمد. وقال ابن معين: ما رأيت في أصحاب الرأي أثبت في الحديث ولا أحفظ ولا أصح رواية من أبي يوسف)، وروي عنه أيضاً أنه قال: (أبو يوسف صاحب حديث، صاحب سنة) كما روي عنه أيضاً تليينه في الحديث. وقال المزني: هو أتبع القوم للحديث.

وقد ذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان شيخاً متقناً لم يسلك مسلك صاحبيه إلا في الفروع، وكان يباينهما في الإيمان والقرآن، وقال ابن عدي: (ليس في أصحاب الرأي أكثر حديثاً منه إلا أنه يروي عن الضعفاء) وقال البخاري: تركوه، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال أحمد بن حنبل: صدوق ولكن من أصحاب أبي حنيفة لا ينبغي أن يروى عنه شيء، وقال ابن حجر: ذكر العقيلي بسند صحيح عن ابن المبارك أنه وهاه.

فهذه أقوال علماء الجرح والتعديل فيه، وهو ليس له رواية في الكتب الستة وقد ترك العلماء رواية الحديث عنه لأنه كما يقول ابن سعد (غلب عليه الرأي وجفا الحديث) وقد ترجم له الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ترجمة مطولة، ذكر فيها كثيراً من أخباره في القضاء ومع هارون الرشيد، وقد كان هارون يجله ويبالغ في إكرامه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير