و أما احتجاج بعضهم بقوله تعالى: (وَ أنْ لَيْسَ للإنْسانِ إلاَّ ما سَعَى) [النجم: 39]؛ فيقال له: قد ثبت بالسنة المتواترة و إجماع الأمة أنه يصلى عليه، و يدعى له، و يستغفر له، و هذا من سعي غيره، و كذلك قد ثبت ما سلف من أنه ينتفع بالصدقة عنه و العتق، و هو من سعي غيره، و ما كان من جوابهم في موارد الإجماع؛ فهو جواب الباقين في مواقع النزاع، و للناس في ذلك أجوبة متعددة.
لكن الجواب المحقق في ذلك أن الله تعالى لم يقل: إن الإنسان لا ينتفع إلا بسعي نفسه؛ و إنما قال: (لَيْسَ للإنْسانِ إلاَّ ما سَعَى)؛ فهو لا يملك إلا سعيه و لا يستحق غير ذلك، و أما سعي غيره؛ فهو له، كما أن الإنسان لا يملك إلا مال نفسه و نفع نفسه، فمال غيره، و نفعُ غيره هو كذلك للغير، لكن إذا تبرع له الغير بذلك جاز.
و هكذا هذا إذا تبرع له الغير بسعيه نفعه الله بذلك، كما ينفعه بدعائه له و الصدقة عنه، و هو ينتفع بكل ما يصل إليه من كل مسلم، سواء كان من أقاربه أو غيرهم، كما ينتفع بصلاة المصلين عليه و دعائهم له عند قبره) [مجموع الفتاوى: 24/ 366].
أمّا عن التفضيل بين العبادات التي تؤدّى عن الميّت، و يُهدى إليه ثوابُها، فالحال على ما هو عليه بالنسبة للحيّ و لا فَرْق.
قال ابن القيم رحمه الله: قيل: الأفضل ما كان أنفع في نفسه، فالعتق عنه، و الصدقة، أفضل من الصيام عنه، و أفضل الصدقة ما صادفت حاجة من المتصدق عليه، و كانت دائمة مستمرة، و منه قول النبي صلى الله عليه و سلم: (أفضل الصدقة سقي الماء)، و هذا في موضع يقل فيه الماء، و يكثر فيه العطش، و إلا فسقي الماء على الأنهار و القُنِيِّ لا يكون أفضل من إطعام الطعام عند الحاجة، و كذلك الدعاء، و الاستغفار له، إذا كان بصدق من الداعي و إخلاص و تضرع، فهو في موضعه أفضل من الصدقة عنه كالصلاة على الجنازة، و الوقوف للدعاء على قبره.اهـ.
هذا، و الله الموفّق، و هو الهادي إلى سواء السبيل. و الحمد لله ربّ العالمين.
وكتب
د. أحمد عبد الكريم نجيب
ـ[الذهبي]ــــــــ[30 - 05 - 03, 12:18 م]ـ
بارك الله فيك فضيلة الدكتور: احمد، وزادك الله علمًا، وهدى، وتوفيقًا، وجزيت كل خير على هذا التفصيل الممتع.
حفظك الله ورعاك.
ـ[الحمادي]ــــــــ[30 - 05 - 03, 02:39 م]ـ
جزيتَ خيراً أخي الظافر، ولا أدري هل الدكتور (أحمد) هو أنت أو لا؟
جاء في بحث الدكتور حفظه الله:
(و خلاصة ما تقدّم أنّ من الأعمال الصالحة ما يُشرَع أداؤه عن الميت، و ينتفع به بعد موته "بالاتفاق" كالدعاء و الصدقة مطلقاً، و الحج و الصوم الواجبين).
وفي حكاية الاتفاق على الحج والصوم الواجبين نظر:
فأما الحج الواجب؛ فقد اتفقوا على جواز النيابة فيه عن الموصي بالحج عنه.
واختلفوا فيمن لم يوص:
فمذهب المالكية أنه لاتصح النيابة إلا بأن يوصي الميت بذلك.
والجمهور على ما ذُكر.
وأما الصيام:
فقد اتفق أهل العلم على الصيام عن الميت الذي لم يتمكن من القضاء.
وأما من مات بعد التمكن من القضاء فقد اختلفوا فيه على أقوال:
منها / أنه لايُصام عنه وإنما يُطعَم.
وهو قول المالكية والحنفية والجديد عند الشافعية والمذهب عند الحنابلة، وهو قول الليث والأوزاعي والثوري.
هذا ما أردتُ ذكره، وجزاك الله خيراً أولاً وآخراً.
ـ[أحمد الأزهري]ــــــــ[01 - 06 - 03, 07:08 م]ـ
جزاكم الله خيراً على مشاركاتكم جميعاً
ـ[الحجاج]ــــــــ[18 - 12 - 05, 02:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
ما يلي، ملحق من بحث جامعي كتبته في موضوع أخذ الأجرة على الأذان. أرجو من الأفاضل شيوخا وطلبة علم أن يبدوا ملاحظاتهم عليه قبل تقديمه، نفعنا الله بعلمهم:
الملحق:
يقول الدكتور حسام عفانة:
«وأما قراءة القرآن وجعل ثواب ذلك للميت، فمسألة اختلف فيها أهل العلم. قال الإمام النووي رحمه الله: (واختلف العلماء في وصول ثواب قراءة القرآن. فالمشهور من مذهب الشافعي وجماعة أنه لا يصل وذهب أحمد بن حنبل وجماعة من العلماء وجماعة من أصحاب الشافعي إلى أنه يصل) الأذكار ص 40
وقال الحنفية: إن ثواب القرآن يصل إلى الميت، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، واختيار الإمام النووي وغيرهم من أهل العلم.
¥