«صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ عَلَى جَنَازَةٍ فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ أَوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ قَالَ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْمَيِّتَ»
وفي سنن ابن ماجه بإسناد صحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ «إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ»
ففي قول الله تعالى وفعل النبي تشريع وحجة.
? وأجمعوا على أن صدقة الحي عن الميت ينتفع بها الميت ويدل على ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ. فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ نَعَمْ».
ففي جوابه تشريع وحجة.
? وأجمعوا على أن الحج عن الميت ينفعه، ويدل عليه حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا». قَالَ الترمذي وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وأخرج النسائي من حديث ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ «أَمَرَتْ امْرَأَةٌ سِنَانَ بْنَ سَلَمَةَ الْجُهَنِيَّ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ أَنَّ أُمَّهَا مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ أَفَيُجْزِئُ عَنْ أُمِّهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّهَا دَيْنٌ فَقَضَتْهُ عَنْهَا أَلَمْ يَكُنْ يُجْزِئُ عَنْهَا؟ فَلْتَحُجَّ عَنْ أُمِّهَا».
وأخرج أحمد في المسند من حديث «سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ َ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ فَمَاتَتْ، وَإِنَّهَا رَجَعَتْ إِلَيَّ فِي الْمِيرَاثِ. قَالَ آجَرَكِ اللَّهُ وَرَدَّ عَلَيْكِ فِي الْمِيرَاثِ. قَالَتْ فَإِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ فَيُجْزِئُهَا أَنْ أَحُجَّ عَنْهَا؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَتْ فَإِنَّ أُمِّي كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ فَيُجْزِئُهَا أَنْ أَصُومَ عَنْهَا؟ قَالَ نَعَمْ».
أقول: وظاهر أن النبي ساوى بين الدين وبين الحج والصوم في ذمة المتوفى، فساغ قضاءه عنه فلا يتعدى إلى غيره بغير دليل.
فأما الجواب على ما أورده ابن القيم رحمه الله تعالى:
(وأما قراءة القرآن وإهداءها له تطوعاً بغير أجرة، فهذا يصل إليه كما يصل ثواب الصوم والحج. فإن قيل فهذا لم يكن معروفاً في السلف ولا يمكن نقله عن واحدٍ منهم مع شدة حرصهم على الخير، ولا أرشدهم النبي إليه، وقد أرشدهم إلى الدعاء والاستغفار والصدقة والحج والصيام. فلو كان ثواب القراءة يصل لأرشدهم إليه ولكانوا يفعلونه.
فالجواب أن مورد هذا السؤال، إن كان معترفاً بوصول ثواب الحج والصيام والدعاء والاستغفار قيل له: ما هذه الخاصية التي منعت وصول ثواب القرآن واقتضت وصول ثواب هذه الأعمال؟ وهل هذا إلا تفريق بين المتماثلات؟ وإن لم يعترف بوصول تلك الأشياء إلى الميت فهو محجوج بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد الشرع.)
أقول: قد قام الدليل الشرعي على وصول ثواب الحج والصيام والدعاء والاستغفار للميت. فأما الخاصية التي منعت وصول ثواب القرآن، فمن وجوه:
1.أن الله تعالى قد يستجيب الدعاء بالمغفرة للميت فيغفر له. وقد لا يستجيب، فيدخر للداعي ثوابا على دعائه.
2.أنه لا خلاف أن الحج والصوم عن الميت يسقط الفرض عنه بغض النظر عن وصول الثواب من عدمه.
3.أن دعوى المثلية قياس فاسد. ولو صح، لصحت الصلاة عن الميت من باب أولى.
¥