ـ[ابن عبد البر]ــــــــ[27 - 11 - 04, 08:53 م]ـ
شيخنا الكريم .. أباعبد الله النجدي .. النجيب ..
أحب أن أعرض عليكم هذه المقالة التي أراها متوافقة في موضوع سياسة العلم .. وأضيف كليشة دور الطبع المشهورة (الفكرة تعبر عن رأي الكاتب) (: وأحب أن أسمع بعيني تعليقكم عليها .. -
******************
وعنوانها .. (((هل نستغني عن المفتين؟)))
عبد العزيز الصاعدي
قال لي: بما أنك تكتب في صحيفة رأي معتبرة ومقروءة اكتب عن ظاهرة انتشار الفتوى على الهواء فأنا لا أعلم أنها تمُت بصلة إلى ما سطره علماء أصول الفقه من هيئة الفتوى الصحيحة وشروط المفتي والمستفتي وطريقة التواصل بينهما والتوصيل الدلالي لتصوير القضية أو الواقعة المراد إيضاح حكمها وأعطاني كتباً في أصول الفقه فيها تلك الشروط ويمكن أن أستعرضها متى ما سنحت الفرصة.
هو يحمل الدكتوراه في اللغة العربية ووالده بروفيسور منذ عشرين سنة في علم أصول الفقه والأهم من الأمرين أن والده قد تعاهده منذ الصغر وأوعى فيه القرآن حفظاً ومتون العلوم درساً ومن ضمنها علم أصول الفقه كتقليد أسري رائع ما زال باقياً إلى اليوم في بعض بيوتات العلم في المدينة وهو أمر تغافل عنه من كتب عن طيبة الطيبة وهو بحاجة إلى تسليط الضوء عليه توثيقاً وإعلاماً لترغيب الناس فيه وبيانه كتقليد إسلامي تربوي رفيع.
- ويقول إن في الفتوى على الهواء فوق مباينتها للصورة التقليدية لطلب الأحكام مزالق جمة أبرزها:
1 - عدم تصور المفتي للمسألة مناط الحكم تصوراً صحيحاً ودقيقاً ومتكاملاً وهذا مخالف لأهم ركن لإصدار الفتوى إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره وسبب هذا القصور في التوصيل اللغوي والتواصل الدلالي بين المفتي والمستفتي ضغط وقت البرنامج واستعجال وعجلة المذيع ومداخلته أحياناً لبيان مقصد المستفتي وزحمة طالبي الفتوى على الهواء لذا ينبه مخرج البرنامج ويستحث المذيع على الإنجاز والسرعة وفي ظل هذه المعطيات لا يكون الجو والبيئة مناسبين وملائمين للفهم والإفهام والاستفصال والتفصيل لا سيما إذا علمنا أن المفتي يوقع عن الله ويتحدث باسم الشريعة كما نبه ابن القيم في سفره العظيم إعلام الموقعين عن رب العالمين وهذا موطن لا يصح فيه العجلة ولا الاستعجال وعلى طالب الحكم والحق أن يستبرئ لدينه فلماذا هذا اللهاث والسرعة في غير موطنها المستحب.
2 - جهل الناس بمفاصل المسائل المهمة التي بها مناط الحكم وعليها مداره وعدم مقدرة السائل على إيضاح الجوانب الأساسية التي تصور الواقعة والقضية وينبني عليها الحكم نظراً لما أصاب الناس جملة من تراجع مخيف بالثقافة الشرعية والعلم الشرعي وانصرافهم إلى الوعظ والإنشاء والزهديات والرقائق من جوانب الدين وإهمالهم أمر العلم والفقه وأصوله وهذه آفة أخرى لحقت بالمجتمع ومحقت به منذ أكثر من عشرين عاما وتشخص اليوم آثارها واضحة للعيان من الحماس الديني غير المرشد بالعلم الشرعي.
3 - كون المفتي يفتي في وسيلة عامة إعلامية جماهيرية يستلزم منه خطاباً يُراعي فيه هذه الجماهيرية التي تتلقفه كل بحسب تركيبتها وتربيتها وآلية فهمها الخاص مما يجعل الكلام الصادر من الشيخ حمَّال أوجه بحسب متلقيه وهذا أمر متلافى في الفتوى الفردية تماماً حيث النقاش والاستفصال والإيضاح والتوضيح محل العجلة والاستعجال، كما سنوضح في المقال القادم في واقعة حقيقية وكيف تغيرت الفتوى بعد النقاش والحوار. وبرز عن هذه المزالق نتائج وخيمة قد لا يستبين أثرها إلا بعد حين من الدهر من مثل:
1) أن المفتين دأبوا في معظمهم على إعطاء الفتوى والحكم وكأنها الحق الذي ليس غيره. والصواب المقابل للخطأ حتى وإن كان في المسألة أقوال في المذهب الواحد ناهيك عن الخلاف بين المذاهب ولو ساقوا الحكم كما هو في المدونات الفقهية لتخلصوا من حدية الرأي وقصور النظرة ولسهلوا على الناس وعلموهم التوسع والرحمة وعدم الحرج في دين الله ولكان أبرأ لذمة المفتي عندما يبتعد عن التدليس إلى عرض المسألة بآرائها ولا بأس أن يرجح مذهباً ومن المعلوم أنه ليس كل خلاف هو بين خطأ وصواب بل قد يكون الخلاف بين الصواب والأصوب والصواب والصواب وربما كان الموقف في وسيلة الإعلام المباشرة محرجاً للشيخ أن لا يكون باتاً وحاصراً للفتوى والنفس البشرية ضعيفة وهذا يمكن الخلاص منه
¥