تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الخامس: أن يكون عاقلاً فلا تجوز إمامة المجنون ولا المعتوه، وهذا لا نزاع فيه.

السادس: أن يكون عدلاً فلا تجوز إمامة فاسق، واستدل عليه بعض العلماء بقوله تعالى?: {قَالَ إِنّى جَـ?عِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرّيَّتِى قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ?لظَّـ?لِمِينَ}، ويدخل في اشتراط العدالة اشتراط الإسلام؛ لأن العدل لا يكون غير مسلم.

السابع: أن يكون ممن يصلح أن يكون قاضيًا من قضاة المسلمين، مجتهدًا يمكنه الاستغناء عن استفتاء غيره في الحوادث.

الثامن: أن يكون سليم الأعضاء غير زمن ولا أعمى ونحو ذلك، ويدل لهذين الشرطين الأخيرين، أعني: العلم وسلامة الجسم قوله تعالى? في طالوت: {إِنَّ ?للَّهَ ?صْطَفَـ?هُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي ?لْعِلْمِ وَ?لْجِسْمِ}.

التاسع: أن يكون ذا خبرة ورأي حصيف بأمر الحرب، وتدبير الجيوش، وسد الثغور، وحماية بيضة المسلمين، وردع الأمة، والانتقام من الظالم، والأخذ للمظلوم. كما قال لقيط الإيادي: وقلدوا أمركم للَّه دركم رحب الذراع بأمر الحرب مطلعا

العاشر: أن يكون ممن لا تلحقه رقة في إقامة الحدود، ولا فزع من ضرب الرقاب، ولا قطع الأعضاء، ويدل ذلك إجماع الصحابة رضي اللَّه عنهم على أن الإمام لا بد أن يكون كذلك. قاله القرطبي.

مسائل:

الأولى: إذا طرأ على الإمام الأعظم فسق أو دعوة إلى بدعة. هل يكون ذلك سببًا لعزله والقيام عليه أو لا؟

قال بعض العلماء: إذا صار فاسقًا أو داعيًا إلى بدعة جاز القيام عليه لخلعه، والتحقيق الذي لا شك فيه أنه لا يجوز القيام عليه لخلعه إلا إذا ارتكب كفرًا بوّاحًا عليه من اللَّه برهان.

فقد أخرج الشيخان في «صحيحيهما»، عن عبادة بن الصامت رضي اللَّه عنه قال: بايعنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله. قال: «إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من اللَّه برهان».

وفي «صحيح مسلم»، من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي اللَّه عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلّون عليهم ويصلّون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم» قالوا: قلنا يا رسول اللَّه أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة، إلاّ من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئًا من معصية اللَّه فليكره ما يأتي من معصية اللَّه، ولا ينزعن يدًا من طاعة».

وفي «صحيح مسلم»، أيضًا: من حديث أم سلمة رضي اللَّه عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف بريء، ومن أنكر سلم، ولكن من رضى وتابع». قالوا: يا رسول اللَّه أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا ما صلّوا».

وأخرج الشيخان في «صحيحيهما» من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «من رأى من أميره شيئًا فكرهه فليصبر؛ فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرًا فيموت، إلا مات ميتة جاهلية».

وأخرج مسلم في «صحيحه»، من حديث ابن عمر رضي اللَّه عنهما أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، يقول: «من خلع يدًا من طاعة لقي اللَّه يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، والأحاديث في هذا كثيرة.

فهذه النصوص تدل على منع القيام عليه، ولو كان مرتكبًا لما لا يجوز،

إلا إذا ارتكب الكفر الصريح الذي قام البرهان الشرعي من كتاب اللَّه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أنه كفر بواح، أي: ظاهر باد لا لبس فيه.

وقد دعا المأمون والمعتصم والواثق إلى بدعة القول: بخلق القرءان وعاقبوا العلماء من أجلها بالقتل والضرب والحبس وأنواع الإهانة، ولم يقل أحد بوجوب الخروج عليهم بسبب ذلك. ودام الأمر بضع عشرة سنة حتى ولي المتوكل الخلافة، فأبطل المحنة، وأمر بإظهار السنّة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير