وقال عبد الغنيّ النّابلسيّ: قال الماورديّ: فنزاهته عنها أولى من قبولها، فإن قبلها جاز ولم يمنع، وهذا حكم الهدايا للقضاة، أمّا الهدايا للأئمّة فقد قال في الحاوي: إنّها إن كانت من هدايا دار الإسلام فهي على ثلاثة أقسامٍ:
أحدها: أن يهدي إليه من يستعين به على حقٍّ يستوفيه، أو على ظلمٍ يدفعه عنه، أو على باطلٍ يعينه عليه، فهذه الرّشوة المحرّمة.
الثّاني: أن يهدي إليه من كان يهاديه قبل الولاية، فإن كان بقدر ما كان قبل الولاية لغير حاجةٍ عرضت فيجوز له قبولها، وإن اقترن بها حاجة عرضت إليه فيمنع من القبول عند الحاجة، ويجوز أن يقبلها بعد الحاجة. وإن زاد في هديّته على قدر العادة لغير حاجةٍ، فإن كانت الزّيادة من جنس الهديّة جاز قبولها لدخولها في المألوف، وإن كانت من غير جنس الهديّة منع من القبول.
الثّالث: أن يهدي إليه من لم يكن يهاديه قبل الولاية، فإن (كان) لأجل ولايته فهي رشوة، ويحرم عليه أخذها، وإن كان لأجل جميلٍ صدر (له) منه إمّا واجباً أو تبرّعاً فلا يجوز قبولها أيضاً. وإن كان لا لأجل ولايةٍ، بل لمكافأةٍ على جميلٍ، فهذه هديّة بعث عليها جاه، فإن كافأه عليها جاز له قبولها، وإن لم يكافئ عليها فلا يقبلها لنفسه، وإن كانت من هدايا دار الحرب جاز له قبول هداياهم، وذكر الماورديّ في الأحكام السّلطانيّة قال: والفرق بين الرّشوة والهديّة أنّ الرّشوة ما أخذت طلباً، والهديّة ما بذلت عفواً.
أثر فسق الإمام على ولايته الخاصّة:
30 - اختلف الفقهاء في سلب الولاية الخاصّة عن الإمام بفسقه، فذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أنّه لا يشترط - عندهم - العدالة في ولاية النّكاح أصلاً، حتّى يسلبها الفسق، فيزوّج بناته القاصرات بالولاية الخاصّة، يستوي في ذلك الإمام، وغيره من الأولياء. وذهب الشّافعيّة إلى أنّ الولاية الخاصّة تسلب بالفسق، فلا يصحّ له تزويج بناته بالولاية الخاصّة كغيره من الفسقة، لخروجه بالفسق عن الولاية الخاصّة كأفراد النّاس، وإن لم يسلبه عن الولاية العامّة تعظيماً لشأن الإمامة، على أنّ في ذلك خلافاً سبق بيانه.
وتنتقل ولاية النّكاح إلى البعيد من العصبة، فإن لم توجد عصبة زوّجهنّ بالولاية العامّة كغيرهنّ ممّن لا وليّ لهنّ. لحديث: «السّلطان وليّ من لا وليّ له».
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[13 - 10 - 03, 01:47 ص]ـ
الأحكام السلطانية للماوردي ص: 5
الباب الأول
في عقد الإمامة
الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع وإن شذ عنهم الأصم
واختلف في وجوبها هل وجبت بالعقل أو بالشرع فقالت طائفة وجبت بالعقل لما في طباع العقلاء من التسليم لزعيم يمنعهم من التظالم ويفصل بينهم في التنازع والتخاصم ولولا الولاة لكانوا فوضى مهملين وهمجا مضاعين وقد قال الأفوه الأوردي وهو شاعر جاهلي
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم * ولا سراة إذا جهالهم سادوا
وقالت طائفة أخرى بل وجبت بالشرع دون العقل لأن الإمام يقوم بأمور شرعية قد كان مجوزا في العقل أن لا يرد التعبد بها فلم يكن العقل موجبا لها وإنما أوجب العقل أن يمنع كل واحد نفسه من العقلاء عن التظالم والتقاطع ويأخذ بمقتضى العدل التناصف والتواصل فيتدبر بعقله لا بعقل 0 غيره ولكن جاء الشرع بتفويض الأمور إلى وليه في الدين قال عز وجل (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم)
ففرض علينا أولى الأمر فينا وهم الأئمة المتآمرون علينا
وروى هشام ابن عروة عن أبي صالع عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيليكم بعدي ولاة فيليكم البر ببره ويليكم الفاجر بفجوره فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساءوا فلكم وعليهم
فإذا ثبت وجوب الإمامة ففرضها على الكفاية كالجهاد وطلب العلم فإذا قام بها من هو أهلها سقط ففرضها على الكفاية وإن لم يقم بها أحد خرج من الناس فريقان أحدهما أهل الاختيار حتى يختاروا إماما للأمة والثاني أهل الإمامة حتى ينتصب أحدهم للإمامة وليس على من عدا هذين الفريقين من الأمة في تأخير الإمامة حتى حرج ولا مأثم وإذا تميز هذان الفريقان من الأمة في فرض الإمامة أن يعتبر كل فريق منها بالشروط المعتبرة فيه
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[13 - 10 - 03, 02:37 م]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن الفقيه
فإن عقدت لاثنين معاً بطلت فيهما، أو مرتّباً فهي للسّابق منهما. ويعزّر الثّاني ومبايعوه. لخبر: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما». وإن جهل السّابق منهما بطل العقد فيهما عند الشّافعيّة، لامتناع تعدّد الأئمّة، وعدم المرجّح لأحدهما.
وعند الإمام أحمد روايتان: إحداهما: بطلان العقد، والثّانية: استعمال القرعة.
طيب خلافة الحسن ومعاوية ماذا نقول عنها؟
¥