تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يرفع أصبعه ويشير بها، أما التحريك هو مذهب الإمام مالك ورواية عن الإمام أحمد، فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد تفرد به زائدة بن قدامة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر، وقد أعلها أبو بكر ابن العربي وغيره، وقد صحح الحديث ابن خزيمة وابن حبان وغيرهم.

والأظهر أنَّ ابن خزيمة يرى الإعلال ((فقال عقب 714 ليس في شيء من الأخبار يحركها إلا في هذا الخبر زائدة ذكره))، وحكى بعضهم التصحيح عنه، وهو غير ظاهر.

وروى عبدالرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي عن الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن أربدة التميمي قال: سئل ابن عباس –رضي الله عنهما- عن تحريك الرجل إصبعه في الصلاة فقال: ذلك الإخلاص.

وأما عدم التحريك ففيه نظر أيضاً.

والثابت الرفع والإشارة، والتحريك مسكوت عنه، من أشار وحرك من غير تعبد بذلك التحريك فلا شيء عليه ولا حرج، إنْ تعبد لتصحيحه الدليل فهو متبع، وإنْ كان لا يرى صحته وحرك، ففعله هذا متضمن للإشارة، والتحريك قدر زائد لا يتعبد به لمن لا يرى صحة هذا الخبر.

وأما حنيها، فقد جاء عند أبي داود من حديث مالك بن نمير عن أبيه وتفرد به وهو مجهول.

وأما الاستقبال بها القبلة فقد روي عن عبدالله بن عمر: أنه رأى رجلاً يحرك الحصا بيده وهو في الصلاة فلما انصرف قال له عبدالله: لا تحرك الحصا وأنت في الصلاة فإن ذلك من الشيطان ولكن اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع يضع يده اليمنى على فخذه وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام إلى القبلة ورمى ببصره إليها ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع.

رواه النسائي و رواه ابن خزيمة وابن حبان.

وفي صحته نظر.

وأما التحريك لمن قال بالتحريك فقد اختلف الفقهاء في وقته، أما الحنفية فيرون رفع السبابة عند النفي في الشهادتين، أي عند قوله "لا" ويضعها عند الإثبات.

وأما المالكية فيرون تحريكها يميناً وشمالاً إلى أن يفرغ من الصلاة.

وأما الشافعية فيرون رفعها عند قوله "إلا الله ".

واما الحنابلة فيرون أنه يشير بإصبعه كلما ذكر اسم الجلالة، ولكن هذا لم يثبت التحريك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلاً، ومثل هذه التفريعات فيها من الاجتهاد في موضع تعبدي مستنده النص الصريح الصحيح وهذا ما لا يجوز اعتماده.

وحينما نضعف هذه الألفاظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعني إنكار فعل ما جاء فيها، ولكن نقول: إن التعبد فيها يفتقر إلى دليل، فالسنة أنْ تشير فإن استقبلت بها القبلة، أو انحرفت يميناً أو شمالاً أو حرّكت فهو إشارة، فما زاد عن معنى الإشارة فلا يستحضر التعبد به إلا عند من يرى ثبوته، وبعض الناس بطبعه إذا أشار تنحني إصبعه، وبعض الناس بطبعه يرفها و يخفضها لا يريد تعبداً , وإنما أراد بذلك الإشارة، تقول: كل هذا مسكوت عنه، ولا حرج على الإنسان أنْ يفعله.

وجلسة الاستراحة جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أخبار منها حديث مالك بن الحويرث: ان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كان في وترٍ من صلاته لم يستتم قائماً إلا بعد أن يجلس.

وهي صحيحة إسناداً، وإنْ كان في ثبوت سنيتها كلام، وقدح في ثبوتها بعض العلماء "انظر فتح الباري 2/ 291 عقب حديث823". أ, هـ.

وقال الحافظ ابن رجب في الفتح:

وقد اختلف العلماء في استحبابها في الصلاة:

فقالت طائفة:هي مستحبة. وهو قول حماد بن زيد والشافعي -في أشهر قوليه- وأحمد -في رواية عنه، ذكر الخلال: أن قوله استقر عليها، واختارها الخلال وصاحبة أبو بكر بن جعفر.

وقال إلاكثرون: هي غير مستحبة، بل المستحب إذا رفع رأسه من السجدة الثانية أن ينهض قائما، حكاه أحمد عن عمر وعلي وابن مسعود، وذكره ابن المنذر عن ابن عباس.

وذكر بإسناده، عن النعمان بن أبي عياش، قال: أدركت غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة - أول ركعة والثالثة - قام كما هو ولم يجلس.

وروي- أيضا - عن أبي ريحانة صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وروي معناه عن ابن عمر - أيضا.

خرجهما حرب الكرماني.

وقال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم.

وممن قال ذلك: عبادة بن نسي وأبو الزناد والنخعي والثوري وأبو حنيفة والشافعي - في أحد قوليه - وأحمد - في المشهور من مذهبه عند عامة أصحابه.

ومن أصحابنا وأصحاب الشافعي من قال: هي مستحبة لمن كبر وثقل بدنه؛ لأنه يشق عليه النهوض معتمدا على ركبته من غير جلسة.

وحمل أبو إسحاق المروزي القولين للشافعي على اختلاف حالين، لا على اختلاف قولين، وحملوا حديث مالك بن الحويرث على مثل ذلك، وان النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقعد أحيانا لما كبر وثقل بدنه؛ فإن وفود العرب إنما وفدت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر

عمره.

ويشهد لذلك، أن أكابر الصحابة المختصين بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكونوا يفعلون ذلك في صلاتهم، فدل على أنهم علموا أن ذلك ليس من سنن الصلاة مطلقا.

وروى حرب الكرماني، عن إسحاق بن راهويه روايتين:

أحداهما: تستحب جلسة الاستراحة لكل أحد.

والثانية: لا تستحب إلا لمن عجز عن النهوض عن صدر قدميه.

وهي رواية ابن منصور، عن إسحاق -أيضا.

ومن لم يستحب هذا الجلوس بالكلية، قال: إنه من الأفعال المباحة التي تفعل في الصلاة للحاجة إليها، كالتروح لكرب شديد، ودفع المؤذي، ونحو ذلك مما ليس بمسنون، وإنما هو مباح.أ, هـ.

وفقك الله الجميع لما يحب ويرضى.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير