ـ[العيدان]ــــــــ[19 - 02 - 04, 07:20 ص]ـ
بسم الله
هنا سؤال وجه لفضيلة الأستاذ:عبدالرحمن السعيد وهو من أهل العربية و المهتمين بها فقال:
ماهو الصواب في قولنا:"مذهب الأحناف في كذا " أو مذهب الحنفية "؟
(الحَنَفِيَّة) منسوب إلى لفظة (حَنِيْفَة) وهي في الأصل نسبة إلى الإمام أبي حنيفة الفقيه المعروف.
و (الحَنَفِيَّة) أصلها (الحَنَفِيّ) لأنّ النّسب إلى (فَعِيْلَة) يكون بحذف تاء التأنيث وياء (فَعِيْلَة)، فيقال: (حَنَفِيّ) وفي المسألة خلاف.
ثم إذا أُطْلِقَ على جماعة أُنِّثَت الكلمة، فيقال: (حَنَفِيَّة). والمعنى الجماعة المنسوبة إلى فقه هذا الرجل.
وأما (الأَحْنَاف) فهي جمع لكلمة (أَحْنَف) وهو الشخص الذي في رجله ميل.
ولو كانت (أَحْنَاف) صحيحة، لصار النسب إلى المفرد (أَحْنَفِي) ولم أقف على مَن قال بهذا، بل أكاد أجزم أنَّه لا يَرِدُ إلا (الحَنَفِيّ).
وأهل المذهب إنما يستخدمون (الحَنَفِيَّة) هذا ما وقفتُ عليه، فمِن ذلك أول كتاب في تراجم الحَنَفِيَّة واسمه (الجواهر المضية في طبقات الحَنَفِيَّة) لعبد القادر القرشي، والكتاب مطبوع.
ومنها: (الطبقات السَّنِيَّة في تراجم الحَنَفِيَّة)، للتميمي، طبع منه جزءان.
ومنها: كتاب الكفوي (كتائب أعلام الحَنَفِيَّة) وهو مخطوط.
ومنها مقدمة ابن قطلوبغا في كتابه (تاج التراجم) حيث قال: « ... رأيت فيها ما كتبه من تراجم الأئمة الحَنَفِيَّة» صفحة (5).
وتتبع هذا يطول، والقارئ لكتاب كشف الظنون (2/ 1098) في (طبقات الحَنَفِيّة) لا يجد لفظة (الأحناف).
وهنا مناقشة للجواب:
ذكرتم -رعاكم الله - في إجابة سابقة أن الأقرب عدم جواز قول:"أحناف و ههنا إشكالات:
1:ألا يقال: نقدر انفصال ياء النسبة في (حنفي) فتصبح (حَنَف) ثم تجمع (حنف) على (أحناف) مثل (قمر) (أقمار)، كما فدرنا انفصال ياء النسبة في (حنبلي) و قلنا (حنابلة) و (مغربي) (مغاربة) و (شافعي) (شوافع) و هكذا ...
2:ألا تجمع (أحنف) على (حُنف) مثل (أحمر) (حمر)؟
* ما يتعلق بالإشكال الأول:
أولاً: ما لا يحتاج إلى تأويل أولى مما يحتاج إلى تأويل. فـ (الحَنَفِيَّة) لا تحتاج إلى تأويل، و (الأحناف) على افتراض صحتها تحتاج إلى تأويل.
ثانيًا: ليس هناك موجب كي نقدر انفصال الياء؛ ولو طبقنا هذه القاعدة (قاعدة الانفصال) على القواعد النحوية والتصريفية لأدى هذا إلى خرم هذه القواعد، فيقال مثلا في (كتبُوا) نقدر انفصال الواو فنبني الفعل على الفتح (كتبَوا). والنحويون يعتمدون على قاعدة (نية الانفصال) للتعامل مع الأصول، فيقال: لا يعتد بتاء التأنيث في (قائمة)؛ لأنها على نية الانفصال (قائم) إذ الأصل في الأسماء التذكير، والتأنيث فرع.
ثالثًا: على افتراض صحة تقدير الانفصال (حَنَف) فإنه يلزمك رد ما حُذِفَ من أجل ياء النسب (حَنِيفَة)؛ لأنّ ياء (فَعِيلَة) وتاء التأنيث حُذِفَتَا من أجل النسب فلما زال السبب وجب رد الأصل.
رابعًا: على تقدير بقاء الاسم على ما هو عليه مع زوال العارض (النسب) فإنّ (حَنَف) مصدر لمعانٍ مختلفة لا تمت إلى (حَنِيفة) كالاستقامة، والاعوجاج. ويلزم منه إذا قيل (أحناف) أنهم القوم الذي في أرجلهم استقامة أو اعوجاج. وهذا غير وارد.
خامسًا: المصادر لا تجمع كـ (الكرم، والشجاعة) إلا إذا تعدد النوع كـ (البيع، والبيوع) وفي المسألة خلاف. وليس (حَنَف) منها.
سادسًا: قياس (حَنْبَلِيّ – وحنابلة) على (حنفي- وأحناف) قياس غير صحيح؛ لسببين:
السبب الأول: أنّ (حنابلة) ليست جمعًا لـ (حَنْبَلِيّ)، بل هي جمع لـ (حَنْبَل) بغير ياء النسب؛ وهو جد الإمام أحمد. ويجمع (حَنْبَل) على (حَنَابِل) وبما أنّ المنتسبين جماعة فيقال (حَنَابِلَة). وأما (حَنْبَلِيّ) فجمعها (حَنْبَلِيُّونَ).
ومثلها (مغربي ومغاربة) فجمع (مغربيّ) هو (مغربيّون). وأما (مغاربة) فمذكرها (مغارب) وهي جمع (مغرب).
وكذا (شافعي) تجمع على (شافعيّون)، وأما (شوافع) فهي جمع لـ (شافع).
وبعض أهل العلم يقول (الحَنْبَلِيَّة) وهذا صحيح؛ إذ هو منسوب إلى (حَنْبَل)، فيصح أن يقال (حنابلة و حَنْبَلِيَّة) فالأولى جمع لـ (حنبل)، والثانية نسبة. أما (أحناف) فلا تصح عندي؛ لأنه جمع لـ (أحنف) ولا علاقة له بأبي حنيفة. ولو قيل (حَنَفِيُّون) لجاز.
السبب الثاني:
أنّ (أحناف) ليست جمعا لـ (حَنَفِيّ) لما تقدم ذكره بل جمع (حَنَفِيّ) هو (حَنَفِيُّون).
* ما يتعلق بالإشكال الثاني:
جمع (أحنف) على (حُنُف)، أو (أحناف) ليس محل النزاع. بل محل النزاع هو دلالة (أحنف) على مذهب أبي حنيفة. فكلمة (أحناف) صحيحة لغة لدلالة على جمع (أحنف) وهو مَن في رجل ميل. وليست صحيحة –عندي- في الدلالة على الانتساب إلى أبي حنيفة. هذا ما ظهر لي والله أعلم.
http://www.toarab.ws/modules.php?name=ask&file=viewanswer&qid=22
¥