تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من أراد خير الآخرة، وحكمة الدنيا، وعدل السيرة، والاحتواء على محاسن الأخلاق كلها، واستحقاق الفضائل بأسرها، فليقتد بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليستعمل أخلاقه وسيره ما أمكنه، أعاننا الله على الإتساء به، بمنّه آمين.

غاظني أهل الجهل مرتين من عمري:

أحدهما: بكلامهم فيما لا يحسنونه أيام جهلي،

والثاني: بسكوتهم عن الكلام بحضرتي، فهم أبداً ساكتون عما ينفعهم، ناطقون فيما يضرهم.

وسرني أهل العلم مرتين من عمري:

أحدهما: بتعليمي أيام جهلي،

والثاني بمذاكرتي أيام عملي.

من فضل العلم والزهد في الدنيا، أنهما لا يؤتيهما الله عز وجل إلا أهلهما ومستحقهما،

ومن نقص علو أحوال الدنيا من المال والصوت، أن أكثر ما يقعان في غير أهلهما وفيمن لا يستحقهما.

من طلب الفضائل لم يساير إلا أهلها، ولم يرافق في تلك الطريق إلا أكرم صديق من أهل المواساة، والبر، والصدق، وكرم العشيرة، والصبر، والوفاء، والأمانة، والحلم، وصفاء الضمائر، وصحة المودة.

ومن طلب الجاه والمال واللذات، لم يساير إلا أمثال الكلاب الكلبة، والثعالب الخلبة، ولم يرافق في تلك الطريق إلا كل عدو المعتقد، خبيث الطبيعة.

منفعة العلم في استعمال الفضائل عظيمة، وهو أنه يعلم حسن الفضائل فيأتيها ولو في الندرة، ويعلم قبح الرذائل فيجتنبها ولو في الندرة، ويسمع الثناء الحسن فيرغب في مثله، والثناء الرديء فينفر منه، فعلى هذه المقدمات يجب أن يكون للعلم حصة في كل فضيلة، وللجهل حصة في كل رذيلة،

ولا يأتي الفضائل ممن لم يتعلم العلم إلا صافي الطبع جداً، فاضل التركيب، وهذه منزلة خص بها النبيون عليهم الصلاة والسلام لأن الله تعالى علمهم الخير كله، دون أن يتعلموه من الناس.

وقد رأيت من غمار العامة من يجري من الاعتدال، وحميد الأخلاق إلى ما لا يتقدمه فيه حكيم عالم رائض لنفسه، ولكنه قليل جداً.

ورأيت ممن طالع العلوم، وعرف عهود الأنبياء عليهم السلام، ووصايا الحكماء، وهو لا يتقدمه في خبث السيرة،وفساد العلانية والسريرة شرار الخلق، وهذا كثير جداً، فعلمت أنهما مواهب، وحرمان من الله تعالى.

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 02 - 04, 11:31 م]ـ

احرص على أن توصف بسلامة الجانب، وتحفظ من أن توصف بالدهاء فيكثر المتحفظون منك، حتى ربما أضر ذلك بك، وربما قتلك.

وطّن نفسك على ما تكره، يقل همك إذا أتاك، ويعظم سرورك،ويتضاعف إذا أتاك ما تحب مما لم تكن قدّرته.

إذا تكاثرت الهموم سقطت كلها.

الغادر يفي للمجدود (المحظوظ)، والوفي يغدر بالمحدود (عديم الحظ)، والسعيد كل السعيد في دنياه من لم يضطره الزمان إلى اختبار الإخوان.

طوبى لمن علم من عيوب نفسه أكثر مما يعلم الناس منها.

الصبر على الجفاء ينقسم ثلاثة أقسام:

فصبر عمن يقدر عليك ولا تقدر عليه،

وصبر عمن تقدر عليه ولا يقدر عليك،

وصبر عمن لا تقدر عليه ولا يقدر عليك.

فالأول ذل ومهانة وليس من الفضائل.

والرأي لمن خشي ما هو أشد مما يصبر عليه: المتاركة والمباعدة.

والثاني فضل وبر: وهو الحلم على الحقيقة، وهو الذي يوصف به الفضلاء.

والثالث ينقسم قسمين: إما أن يكون الجفاء ممن لم يقع منه إلا على سبيل الغلط ويعلم قبح ما أتى به ويندم عليه، فالصبر عليه فضل وفرض، وهو حلم على الحقيقة.

وأما من كان لا يدري مقدار نفسه ويظن أن لها حقاً يستطيل به، فلا يندم على ما سلف منه، فالصبر عليه ذل للصابر، وإفساد للمصبور عليه، لأنه يزيد استشراء، والمقارضة له سخف، والصواب إعلامه بأنه كان ممكناً أن ينتصر منه، وإنه إنما ترك ذلك استرذالاً له فقط، وصيانة عن مراجعته ولا يزاد على ذلك.

وأما جفاء السفلة فليس جزاؤه إلا النكال وحده.

من جالس الناس لم يعدم هماً يؤلم نفسه، وإنما يندم عليه في معاده، وغيظاً ينضج كبده، وذلاً ينكس همته، فما الظن بعد بمن خالطهم وداخلهم ?

والعز والراحة والسرور والسلامة في الانفراد عنهم، ولكن أجعلهم كالنار تدفأ بها، ولا تخالطها.

لو لم يكن في مجالسة الناس إلا عيبان لكفيا، أحدهما الاسترسال عند الأنس، وبالأسرار المهلكة القاتلة، التي لولا المجالسة لم يبح بها البائح، والثاني: مواقعة الغلبة المهلكة في الآخرة، فلا سبيل إلى السلامة من هاتين البليتين إلا بالإنفراد عن المجالسة جملة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير