ساق من طريق الدارقطني: حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا أحمد بن يوسف السلمي حدثنا عبيد اللّه بن موسى حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قنت شهراً يدعو عليهم، ثم ترك، وأما في الصبح، فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا، انتهى.
قال: فهذه الأخبار كلها دالة على أن المتروك هو الدعاء على الكفار، واللّه أعلم، انتهى.
وقال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله في الاستذكار
وَأَمَّا القُنوتُ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ فَاخْتَلَفَتِ الآثارُ المُسْنَدَةُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ فِيهِ عَنْ أبي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيرِهِم.
فَرُوِيَ عَنْهُم القُنوتُ وَتَرْكُ القُنوتِ مِنَ الفَجْرِ.
وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ عَنْهُم فِي القُنوتِ قَبْلَ الرَّكُوعِ وَبَعْدَهُ.
وَقَدْ أَكْثَرَ فِي ذَلِكَ المُصَنِّفُونَ: ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُ.
وَالأَكْثَرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَّصِلَةٍ صِحَاحٍ.
وَأمَّا ابْنُ عُمَرَ فكَانَ لا يَقنُتُ. لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ.
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيحٍ، قَالَ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: صَحبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلى المَدِينَة فَهَلْ رَأيتُه يَقنُتُ؟ قَالَ: لا، قَالَ: وَلقيتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ: أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْنُتُ؟ قَالَ: لاَ إِنَّمَا هُوَ شَيءٌ أَحْدَثَهُ النَّاسُ.
سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ أبِي نجيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحمنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخطَّابِ كَانَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ.
وَسُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُريحٍ، عَنْ عطاءٍ، عن عُبيدِ بْنِ عُميرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخطَّابِ يقنُتُ فِي الصُّبْحِ هَا هُنَا بِمَكَّةَ.
وَسُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُريحٍ، عَنْ عطاءٍ، عن عُبيدِ بْنِ عُميرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخطَّابِ يقنُتُ فِي الصُّبْحِ هَا هُنَا بِمَكَّةَ.
وَسُفْيَانُ، عَنْ مخارق: أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ طَارقٍ، قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ ابْنِ الخطَّابِ الصُّبْحَ فقنتَ.
وَقَالَ سُفْيَانُ: قُلْتُ لابْنِ طَاووسٍ: مَا كَانَ أَبُوكَ يَقُولُ فِي القُنُوتِ؟ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: القُنوتُ طَاعَةٌ لِلَّهِ، وَكَانَ لاَ يَرَاهُ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَكَانَ الشَّعبيُّ لاَ يَرى القُنوتَ.
وَسُئل ابْنُ شبرمَةَ عَنْهُ، فَقَالَ: الصَّلاةُ كُلُّهَا قُنوتٌ.
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَلَيْسَ قنتَ عَلِيٌّ يَدْعُو عَلى رِجَالٍ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا هَلَكْتُم حِينَ دَعَا بَعْضُكُم عَلَى بَعْضٍ.
ذَكَرَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شبرمَةَ.
وَأَمَّا الفُقَهَاء الَّذِينَ دَارَتْ عَلَيْهم الفُتْيَا فِي الأَمْصَارِ فكَانَ مَالِكٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلى، وَالحَسَنُ بْنُ حي، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنبلٍ، وَدَاوُدُ، يَرونَ القُنوت فِي الفَجْرِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: بَعْدَ الرُّكُوعِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: قَبْلَ الرُّكُوعِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ خَيَّرَ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الرَّكُوعِ وَبَعْدَهُ.
وَقَالَ ابْنُ شبرمَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَالثَّوريُّ فِي رِوَايَةٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: لاَ قُنُوتَ فِي الفَجْرِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ: إِنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يقنُتُ سَكَتَ.
وَهُوَ قَولُ الثَّورِيِّ فِي رِوَايَةٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَقنُتُ وَيتبعُ الإِمَامَ.
وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنِ احتَاجَ الإِمَامُ عِنْدَ نَائِبَةٍ تَنزلُ بِالمُسْلِمِينَ قَنَتَ فِي الصَّلاةِ كُلِّهَا؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيرِهِ فِي قُنُوتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهْراً يدْعُو عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الآثَارِ.
¥