[نموذج من الورع: المسائل التي توقف فيها الشيخ ابن عثيمين (دعوة للمشاركة)]
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[25 - 03 - 06, 04:46 م]ـ
نموذج من الورع:
مسائل توقف فيها الشيخ الفقيه/ محمد بن صالح بن عثيمين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد منَّ الله عليَّ بقراءة كتاب القول المفيد للشيخ الفقيه العلامة/ محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله-، وكنت أثناء قرائتي أعلق الفوائد التي تمر بي على طرة الكتاب، وقد اجتمع لي من ذلك عدد من المسائل التي توقف الشيخ فيها، فأحببت أن أجمع هذه المسائل لعل الله أن ينفع بها، والله الموفق:
1. (قوله: (الذين صحبوا رسول الله)، يحتمل أن المراد الصحبة المطلقة، ويؤيده ظاهر اللفظ.
ويحتمل أن المراد الذين صحبوه في هجرته، ويؤيده أنه لو كان المراد الصحبة المطلقة؛ لقالوا: نحن؛ لأن المتكلم هم الصحابة، ويدل على هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد: (لا تسبوا أصحابي)؛ فإن المراد بهم الذين صحبوه في هجرته، لكن يمنع منه أن المهاجرين لا يبلغون سبعين ألفاً.
ويمنع الاحتمال الأول: أن الصحابة أكثر من سبعين ألفاً، ويحتمل أن المراد من كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى فتح مكة؛ لأنه بعد فتح مكة دخل الناس في دين الله أفواجاً.
وهذه المسألة تحتاج إلى مراجعة أكثر.)
2. (ولهذا ختم المسألة بقوله: (وعلى ربهم يتوكلون)؛ فإنتفاء هذه الأمور عنهم يدل على قوة توكلهم.
وهل هذه الأشياء تدل على أن من لم يتصف بها فهو مذموم، أو فاته الكمال؟
الجواب: أن الكمال فاته إلا بالنسبة للتطير؛ فإنه لا يجوز؛ لأنه ضرر وليس له حقيقة أصلاً.
أما بالنسبة لطلب العلاج؛ فالظاهر أنه مثله لأنه عام، وقد يقال: إنه لولا قوله: (ولا يسترقون)؛ لقلت: إنه لا يدخل؛ لأن الاكتواء ضرر محقق: إحراق بالنار، وألم للإنسان، إن لم تنفع لم تضر، وهنا نقول: الدواء مثلها؛ لأن الدواء إذا لم ينفع لم يضر، وقد يضير أيضاً لأن الإنسان إذا تناول دواء وليس فيه مرض لهذا الدواء فقد يضره.
وهذه المسألة تحتاج إلى بحث، وهل نقول مثلاً: ما تؤكد منفعته إذا لم يكن في الإنسان إذلال لنفسه؛ فهو لا يضر، أي: لا يفوت المرء الكمال به، مثل الكسر وقطع العضو مثلاً، أو كما يفعل الناس الآن في الزائدة وغيرها.
ولو قال قائل بالاقتصار على ما في هذا الحديث، وهو أنهم لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، وأن ما عدا ذلك لا يمنع من دخول الجنة بلا حساب ولا عذاب؛ للنصوص الواردة بالأمر بالتداوي والثناء على بعض الأدوية؛ كالعسل والحبة السوداء؛ لكان له وجه.))
3. (القسم الثاني: أن استرسل معه؛ فكل عمل ينشأ عن الرياء، فهو باطل؛ كما لو أطال القيام، أو الركوع، أو السجود، أو التباكى؛ فهذا كل عمله حابط، و لكن هل هذا البطلان يمتد إلى جميع العبادة أم لا؟
نقول: لا يخلو هذا من الحالتين:
الحال الأول: أن يكون آخر العبادة مبنيا على أولها، بحيث لا يصح أولها مع فساد آخرها؛ فهذه كلها فاسدة.
و ذلك مثل الصلاة؛ فالصلاة مثلا لا يمكن أن يفسد آخرها و لا يفسد أولها و حينئذ تبطل الصلاة كلها إذا طرأ الرياء في أثناء ولم يدافعه.
الحال الثانية: أن يكون أول العبادة منفصلا عن آخرها، بحيث يصح أولها دون آخرها، فما سبق الرياء؛ فهو صحيح، وما كان بعده؛ فهو باطل.
مثال ذلك: رجل عنده مئة ريال، فتصدق بخمسين بنية خالصة، ثم تصدق بخمسين بقصد الرياء؛ فالأولى مقبولة، و الثانية غير مقبولة؛ لأن آخرها منفك عن أولها.
فإن قيل: لو حدث الرياء في أثناء الوضوء؛ هل يلحق بالصلاة فيبطل كله، أو بالصدقة فيبطل ما حصل فيه الرياء فقط.
¥