وقَوْلُهُ ? لِعَلِيٍّ "إنَّك ذُو قَرْنَيْهَا": أَيْ ذُو قَرْنَيْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ شَجَّتَانِ فِي قَرْنَيْ رَأْسِهِ أَحَدُهُمَا مِنْ ابْنِ مُلْجِمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَالْأُخْرَى مِنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ. قَالَهُ الحافِظُ الْمُنْذِرِيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ ? قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ? لِعَلِيٍّ ?: " يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّمَا لَك الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَك الْآخِرَةُ " َحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: "قَوْلُهُ ?: "فَلَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ .. إلَخْ" رُبَّمَا تَحَايَلَ أَحَدٌ جَوَازَ الْقَصْدِ لِلْأُولَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْأُولَى الَّتِي لَمْ يَقْصِدْهَا".
وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ? قَالَ: " سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ ? عَنْ النَّظْرَةِ الْفَجْأَةِ قَالَ اصْرِفْ نَظَرَك " قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: "وَهَذَا لِأَنَّ الْأُولَى لَمْ يَحْضُرْهَا الْقَلْبُ، وَلَا يَتَأَمَّلُ بِهَا الْمَحَاسِنَ، وَلَا يَقَعُ الِالْتِذَاذُ بِهَا، فَمَتَى اسْتَدَامَهَا مِقْدَارَ حُضُورِ الذِّهْنِ كَانَتْ كَالثَّانِيَةِ فِي الْإِثْمِ".
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ و الطَبرانيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ? عَنْ النَّبِيِّ ? قَالَ:" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْظُرُ إلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ ثُمَّ يَغُضُّ بَصَرَهُ إلَّا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلَاوَتَهَا فِي قَلْبِهِ". قال الحافظ أبو الفداء إسماعيلُ ابن كَثيرٍ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في «تفسيره»:"ورُويَ هذا مرفُوعاً عن ابن عُمرَ وحُذيفةَ وعائشةَ رضي الله عنهم، ولكن في إسنادِهَا ضَعفٌ، إلا أنَّها في التَرغِيبِ، ومِثلُهُ يُتَسامَحُ فِيهِ".
وَرَوَى الْأَصْبَهَانِيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى بسندٍ ضعيفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ? قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ?:" كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا عَيْنًا غُضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَعَيْنًا سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَيْنًا خَرَجَ مِنْهَا مِثْلُ رَأْسِ الذُّبَابِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ".
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ? عَنْ النَّبِيِّ ? قَالَ:" لَتَغُضُّنَّ أَبْصَارَكُمْ، وَلَتَحْفَظُنَّ فُرُوجَكُمْ، أَوْ لَيَكْسِفَنَّ اللَّهُ وُجُوهَكُمْ ".
وَفِي «صَحِيحِ الْحَاكِمِ» و «مسندِ عَبدِ بنِ حُمَيدٍ» رَحِمَهُما الله تَعَالَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا:"مَا مِنْ صَبَاحٍ إلَّا وَمَلَكَانِ يُنَادِيَانِ وَيْلٌ لِلرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ، وَوَيْلٌ لِلنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ". في إسناده خارجة بن مصعب، قال الذَهبيُّ في التلخيص: "خارجة واه".
فَصلٌ
في ذِكرِأخبَارِ السَّلفِ في غَضِّ البَصَرِ وحرصِهِم عَلى ذلكَ
َأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى عَنْ ابْنِ مَسْعُود ٍ? مَرْفُوعًا: " الْإِثْمُ حَوَّازُ الْقُلُوبِ وَمَا مِنْ نَظْرَةٍ إلَّا وَلِلشَّيْطَانِ فِيهَا مَطْمَعٌ ". قال المُنذِرِيُّ: "رواته لا أعلم فيهم مجروحاً، لكن قيل صوابه الوقوف، وَمَعْنَى حَوَّازُ: َهُوَ مَا يَحُوزُهَا وَيَغْلِبُ عَلَيْهَا حَتَّى تَرْتَكِبَ مَا لَا يَحْسُنُ، وَقِيلَ بِتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ جَمْعُ حَازَّةٍ وَهِيَ الْأُمُورُ الَّتِي تَحُزُّ فِي الْقُلُوبِ وَتَحُكُّ وَتُؤَثِّرُ وَتَتَخَالَجُ فِي الْقُلُوبِ فَتَكُونُ مَعَاصِيَ، وَهَذَا أَشْهَرُ ".وَمِنْهُ " الْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِك وَكَرِهْت أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ".
وأَخْرَجَ ابن أبي شيبةَ عن أبي مُوسَى الأشعَرِيِّ ? قال: "لأن تَمتَلِئ مِنخَرَيَّ مِن رِيحِ جِيفَةٍ، أحَبُ إليَّ مِن أنْ تَمتَلِيَانِ مِن رِيحِ امرَأةٍ".
وأَخْرَجَ عن عَبدُ اللهِ بن مسعود ? قَالَ: "لأن أُزاحِمَ بَعِيراً مَطلِيَّاً بِقطِرَانَ، أحبُّ إليَّ مِنْ أنْ أُزَاحِمَ امرَأةً".
¥