وللسراويل أحكام فقهية لا يستهان بها أحببت أن أنبه عليها مع أن البعض ربما يتعجب من هذا العنوان ومن هذا المبحث الفقهي، ولكن العلم يدعونا إلى ذلك حتى نتفقه في ديننا ونعرف سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد ذلك فما على المسلم الحق إلا الانقياد للسنة والحق ولا يقول الأمر سهل والمسألة خلافية والعلماء اختلفوا بل عليه أن يبادر إلى السنة ويلتزم بها ويتشرف بها ولو قال الناس ما قالوا، فإنه من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه ومن أسخط الناس برضى الله رضي الله عنه.
معنى السراويل:
السَّرَاوِيلُ: يُذكر ويُؤنث. والجمع: السَّرَاوِيلاتُ.
ومن النحويين من لا يصرفه أيضا في النكرة ويزعم أنه جمع سِرْوالٍ وسِرْوَالة، ويُنشد:
عليه من اللؤم سِروالة ..........
ويحتج في ترك صرفه بقول بن مُقبل:
................. فتى فارسي في سراويل رامح.
والعمل على القول الأول والثاني أقوى.
وسَرْوَلَهُ ألبسه السراويل فَتَسَرْوَلَ.
وحمامة مُسَرْوَلةٌ في رجليها ريش1
قال قيس بن عُبادة:
أَرَدْتُ لِكَيْما يَعْلَم الناسُ أَنها سَراوِيلُ قَيْس والوُفُودُ شهودُ
وأَن لا يَقُولوا غاب قَيْسٌ وهذه سَراوِيلُ عادِيَ نَمَتْه ثَمُودُ
قال سيبويه ولا يُكَسَّر لأَنه لو كُسِّر لم يرجع إِلاَّ إِلى لفظ الواحد فتُرِكَ وقد قيل سَراوِيل جمع واحدته سِرْوالة؛ قال:
عَلَيْه مِن اللُّؤْمِ سِرْوالةٌ فَلَيْسَ يَرِقُّ لمُسْتَعْطِفِ 2
وذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن سعيد بن إبراهيم عن أبيه قال ... وأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أول من لبس السراويل 3
وكما أسلفنا أن السراويل في عصرنا أخذت أسمًا آخر اشتهرت به وهو (البنطال) أو ما يسمى بـ (البنطلون) وكلها تأخذ مأخذ السراويل وإن اختلفت المسميات طالما أن المعنى واحد. وربما أخذت مأخذ التحريم إذا أصبحت مشابهة لملابس الكفار
الأحاديث الصحيحة التي جاء فيها ذكر السروال وما فيها من أحكام:
لقد جاء ذكر السروال في أكثر من موضع في السنة النبوية فمن ذلك:
عن أبي أُمَامَةَ قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنَ الْأَنْصَارٍ بِيضٌ لِحَاهُمْ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ حَمِّرُوا وَصَفِّرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلَا يَأْتَزِرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَرْوَلُوا وَائْتَزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَخَفَّفُونَ وَلَا يَنْتَعِلُونَ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَخَفَّفُوا وَانْتَعِلُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ وَيُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُصُّوا سِبَالَكُمْ وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ 4
يستفاد من هذا الحديث فوائد عظيمة تتعلق بمبحثنا فمنها:
وجوب مخالفة أهل الكتاب في ملابسهم وطرقهم المخالفة لشرعنا فمن ذلك أنهم يلبسون السراويل ويكتفون بها فيؤدي ذلك إلى وصف العورة فكانت هذه صفتهم في الملبس ولم يكونوا يلبسوا السراويل كما قال ابن حجر:
(لم يكن لهم سراويلات فكان أحدهم يعقد إزاره في قفاه ليكون مستورا إذا ركع وسجد وهذه الصفة صفة أهل الصفة 5.)
فسألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما هي عادتهم عن هذا العمل هل هو مشروع فيعملوه أم لا فيجتنبوه، فأهل الكتاب يتسرولون: أي يلبسون السراويلات ولا يلبسون فوقها شيء، فكانت أجابته بإباحة السراويل ولكن بشرط أن يُلبس فوقها الإزار. فما هو الإزار قال صاحب لسان العرب في مادة (أزر):
أَزَرَ به الشيءُ: أَحاطَ، عن ابن الأَعرابي. و الإِزار: المِلْحَفَة، والمئزَرُ: الإِزار. وقيل: الإِزار كُلُّ ما واراك وسَتَرك؛ و الإِزارُ: العَفافُ، على المثل. ا. هـ بتصرف.
¥