كان توفير شعر الرأس واللحية أمرا شائعا معروفا عند العرب، وكانوا يرون أن حلقهما أو قصهما مثلة وعوارا.بل لم يكن شيء أكثر اذلالا للعربي من حلق عدوه شعره، فأهون عليه قتله من يفعل به ذلك.
ولما جاء الاسلام ظل أمر ارخاء اللحى وتوفير الشعر سائدا بين المسلمين والمشركين واهل الكتاب، و أراد النبي عليه السلام أن يتميز المسلمون عن غيرهم ـ ولذلك مقصد شرعي ليس هذا أوان ذكره ـ فصار المظهر ليس مقصودا لذاته ولكنه وسيلة الى غاية هي تميز المسلمين. و هذا التميز لايحصل الا بأحد أمرين:
1/أن يأمرهم بحلق اللحية والشارب جميعا.
2/ أن يأمرهم بحلق اللحية واعفاء الشارب
3/أن يأمرهم باعفاء اللحية واحفاء الشارب
أما الاول فغير ممكن لما علمت من أن العرب كانت تستعربذلك وتراه مثلة قبيحة.
واما الثاني فبالاضافة الى أنه مثلة عند العرب ففيه تشبه بالمجوس مما لا يتحقق معه قصد التميز.
فلم يبق الا الثالث وبه أمر.
اذن فالامر لا علاقة له باللحية من حيث هي لحية ويرحم الله ابا عمرو ابن عبد البر إذ يقول بعد أن أورد الاثار الدالة على أن النبي وأصحابه كانوا يوفرون شعور رؤوسهم: ( .... قد كان مالك رحمه الله يكره حلق القفا وما أدري إن كان كرهه مع حلق الرأس أو مفردا وهذا ليس من شرائع الأحكام ولا من الحلال والحرام ....................................
قد حلق الناس رؤوسهم وتقصصوا وعرفوا بذلك قرنا بعد قرن من غير نكير والحمد لله ..... صار أهل عصرنا لا يحبس الشعر منهم إلا الجند عندنا لهم الجمم والوفرات وأضرب عنها أهل الصلاح والستر والعلم حتى صار ذلك علامة من علاماتهم وصارت الجمم اليوم عندنا تكاد تكون علامة السفهاء
والشعر والحلق لا يغنيان يوم القيامة شيئا وإنما المجازاة على النيات والأعمال فرب محلوق خير من ذي شعر ورب ذي شعر رجلا صالحا)
وهذادليل على أن الهيئات تتبع العادات غالبا.
ونقول لمن يحرم أخذ شيء من اللحية،الآن وقد علمت العلة التي من أجلها قال النبي عليه السلام "احفوا الشوارب واعفوا اللحى"أترى ان هذه العلة لا زالت قائمة في كل المجتمعات؟
أخذ ابن عمر من لحيته فيه دليل على أن لا حد لأكثرها ولأفلها الا بما يقبل العرف أو ينكر. ولو كان اعفاء اللحية مقصودا لذاته لما استجاز ابن عمر وابو هريرة وابن عباس وغيرهم أن يأخذوا من لحاهم.
قد يقول متفيقه: العبرة بما رووا لابما رأوا " ..... لله أبوه أتراه افقه لمعاني كلام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من هؤلاء؟ بل قال خصمك ان الأخذ من اللحية جائز بالاجماع لما كان الا قريبا من الصواب. فهل علمت أحا من الاصحاب أنكر شيئا من هذا الباب؟
ثم أخبرني عمن يرخي لحيته ويستأصل شاربه أليس يكون ممثلا بنفسه مستحقا للتفسيق عند مالك؟ أو ليس القائلون باستئصال الشارب قائلون نفس المقالة السوء فيمن خالفهم؟ فاستحق كل واحد منهم وصف التفسيق من صاحبه .... فإن أردت أن يسلم القوم من فهمك هذا فاعلم أن الأمر يدور حول كونه مثلة أم لا.ورب هيئة هي مثلة قبيحة عند قوم تجد خلافها هو المثلة عند آخرين ... وللناس فيما يعشقون مذاهب ....
هذا الكلام مبني على مقدمة فاسدة
فأثبت بالدليل الصحيح المقدمة التي بنيت عليها احتمالاتك الثلاثة
نحن متعبدون بأمر النبي صلى الله عليه وسلَّم، وليس متابعة عادات الجاهليين التي تزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه ساروا عليها، ثم أراد النبي صلى الله عليه وسلَّم تمييزنا عنهم بحفِّ الشارب وإعفاء اللحية.
والأخذ من اللحية له مقام آخر، لكني أريدك وفقك الله أن تثبت هذه المقدمة بالأدلة الصحيحة، لا من التوهمات والتخيلات.
ـ[أنس بن محمد عمرو بن عبداللطيف]ــــــــ[24 - 05 - 08, 07:53 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد اشتمل كلام الكاتب - عفا الله عنه - على جملة كبيرة من المغالطات من وجهة نظري، فنذكر شبهاته ونجيب عليها على عجل:
1 - أن (أعفوا) من المشترك اللفظي، تعني الإطلاق وتعني التخفيف! (من عفت الديار من سكانها إذا خلت)!
جوابه: هل نحمل المشترك على أحد معنييه بأهوائنا؟ أم ننظر إلى السياق وإلى الألفاظ الأخرى للحديث؟
¥