فقيه ... أو محدّث، مسأله مهمة
ـ[عبد الله الحماد]ــــــــ[17 - 01 - 03, 10:38 م]ـ
COLOR=red] مسألة: هل يعمل بالحديث الضعيف؟ [/ COLOR]
للإجابة عن هذا السؤال لابد من معرفة مجالات العمل بالحديث الضعيف وهي:
أ-الفضائل والمستحبات:
فالجمهور من الفقهاء والمحدثين على العمل بالحديث الضعيف بشروطه المسوغة والتي لا تخفى.
ب-الأحكام الشرعية " الحلال والحرام وغيرها ":
فمذهب الأئمة الثلاثة المجتهدين أبي حنيفة ومالك وأحمد _رحمهم الله _ على العمل به
قال الإمام أحمد _ رحمه الله _:" ولست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب ما يدفعه"
وانظر كلاماً نفيساً [شرح علل الترمذي]
مسألة هل صحة الحديث كافية للعمل بالحديث؟
يقول بعض الناس إننا مأمورون باتباع الدليل لا باتباع فلان وعلان فإذا صح الحديث فلا يلتفت لغيره؟
الجواب: يقال للقائل: أحسنت إذ لزمت ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم لكن هذا الكلام مقيد بقيد مهم، وهو أن يكون قد قال به إمام مجتهد ولم يتنكبه الأئمة، وأن يكون هذا القول محفوظاً قال به أهل المذاهب المتبوعة لا قولاً شاذا مطّرحاًوانظر لهذا الكلام النفيس للإمام أحمد حين أوصى الميموني بقوله:" إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام ".
وكان محمد بن أبي بكر بن حزم ربما قال له أخوه: لِم لم تقض بحديث كذا؟ فيقول: " لم أجد الناس عليه"
بل قال النخعي كلمة أعظم:" لو رأيت الصحابة يتوضؤون إلى الكوعين _ الرسغين_ لتوضأت كذلك، وأنا أقرؤها إلى المرافق "أهـ.
قال الذهبي _ رحمه الله _:" .. أما من أخذ بحديث صحيح _ يعني من حيث الصناعة الحديثية _ وقد تنكبه سائر أئمة الاجتهاد فلا " أه ـ.
هل كل من حفظ الحديث جازت له الفتوى بظاهره كما نرى اليوم؟
الجواب:لا لا يجوز ذلك، وكم حصل في الأمة اليوم من الخطل والخطأ بسبب ذلك قال ابن وهب المحدث المشهور _رحمه الله _ كلمة خطيرة في هذا المعنى:" كل صاحب حديث ليس له إمام في الفقه فهو ضال، ولولا أن الله أنقذنا بمالك والليث لضللنا".أهـ
سؤال آخر: نسمع كلمة بين الفينة والأخرى فحواها:" أنا اتبع الحق ولا أتقيد بمذهب معين " فهل هذا الكلام صحيح؟
الجواب: ما قاله الذهبي _ رحمه الله _ بعد قول ابن حزم:وأنا اتبع الحق وأجتهد ولا أتقيد بمذهب"
حيث قال _ الذهبي _:" قلت: نعم، من بلغ رتبة الاجتهاد، وشهد له بذلك عدة من الأئمة لم يسع له أن يقلد، كما أن الفقيه المبتدئ العامي الذي يحفظ القرآن أو كثيراً منه لا يسوغ له الاجتهاد أبداً، فكيف يجتهد؟ وما الذي يقول؟ وعلامً يبني؟ وكيف يطير ولما يريّش؟ " أهـ
فانظر _ يا مسكين حظك من العلم، هذا لابن حزم فما لك أنت؟!
وصلى الله على نبينا محمد [
ـ[ذو المعالي]ــــــــ[18 - 01 - 03, 06:49 ص]ـ
أشكرُ لك أخي الفاضل هذا الطرح المهم، و هل لك بأن تسمح لي بكَتْبِ ما أُراه متمماً لطرحك؟
أقول _ و بالله التوفيق، و منه استمداد العون _:
من مجالات العمل بالحديث الضعيف مجالان لم تذكرهما، و هما:
الأول: العقائد:
قال العلامة عبد الحي الِلكنوي _ رحمه الله _ " ظفر الأماني " 201: اعلم _ رحمك الله _ أن صفاتِ الله _ تعالى _ و أسماءه لا يُجْتَراُ على القول بها بدون دلالة دليلٍ مُعْتَمَد.
و ما ذكره العلامة اللكنوي _ رحمه الله _ قاعدة متينة في باب الاعتقاد، و السبب أن المسائل الاعتقادية يقينية، و لا تُُْبَت إلا بدليل قوي يفيد اليقينة، و الضعيف لا يفيد ذلك.
و لذا فإن شيخَ الاسلام بيَّن في " مجموع الفتاوي " مأخذَ القادحين في أهل السنة الواصفين لهم بالحشوية، فقال 23:4: و إذا قابلنا بين الطائفتين _ أهل الحديث و أهل الكلام _ فالذي يَعِيْبُ بعضَ أهل الحديث و أهل الجماعة بحشو القول؛ إنما هو بقلة المعرفة، أو بقلة الفهم.
أما الأول: فبأن يحتجوا بأحاديث ضعيفة أو موضوعة، أو بأثار لا تصح.
و أما الثاني: فبأن لا يفهموا معنى الأحاديث الصحيحة، بل قد يقولون القولين المتناقضين و لا يهتدون للخروج من ذلك.أ، هـ
و مفهومٌ من كلام شيخ الإسلام _ رحمه الله _ عدم موافقة الذين يأخذون بالأحاديث الضعيفة و ما دونها في إثبات الصفات.
فَائِدَةٌ: إيرادُ الحديث الضعيف في مقام الاستدلال به في الصفات يأتي على قسمين:
الأول: استدلال لإثبات صفةٍ به لا بغيره، و هذا هو المستنكرُ و المردود.
الثاني: تأييدٌ و استئناسٌ، و ذلك لصفةٍ ثبتت بأحاديث صحاح و يؤتى به تأييداً من باب الاستئناس، و هذا جرى عليه العمل بين السلف و منهم شيخ الإسلام في مواضع منها الواسطية.
المجال الثاني: العمل بالحديث عن المحدثين، الجمهور منهم على عدم جواز العمل به.
تتمةٌ لمسألة العمل بالضعيف في لفضائل: المرادُ بالفضائل عند العلماء ما هي؟
قولان:
أولهما: أن المرادَ قبوله في فضائل الأعمال الثابتة بالأحاديث الصحيحة، و المعنى أن يُسْتأنس به فيها.
ثانيهما: أن يثبت به الاستحباب.
و إلى هذا _ الأخير _ مال النووي _ رحمه الله _ " الأذكار 28، و كلام ابن الهمام الحنفي " فتح القدير 467:1، و نصُّهُ: الاستحباب يثبت بالضعيف غير الموضوع.أ، هـ.
هذه إتمامةٌ على تأسيسٍ مبارَك، نفع الله بكلٍ، و الكلام يحتاجُ إلى تأصيل كبير طويل خاصة في زمن الظاهرية الجديدة _ و الله المستعان _.