تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأول: إما للخطبة قبل الصلاة على أنها صلاة عيد وكذلك لعدم إقامة الجمعة، وهذا تصويب خاطئ مخالف لما رواه هو – كما سبق – أن السنة في العيد الصلاة قبل الخطبة، وبيّنت السنّة كذلك أن الإمام عليه أن يجمّع كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (وإنا لمجَّمعون). قال شيخ الإسلام في الفتاوى (302/ 218): وهو الصحيح أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة، لكن عن الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها، ومن لم يشهد العيد، وهذا هو المأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كعمر وعثمان، وابن مسعود وابن عباس وابن الزبير وغيرهم.اهـ

الآخر: أن يكون تصويبه لابن الزبير إما لترك التجميع بين العيدين لا لتقديم الخطبة على الصلاة، ونحو هذا قال ابن خزيمة في صحيحه (2/ 360) أو عدّها صلاة جمعة أجزأت عن صلاة العيد فصوّبه على ذلك التجميع المقصود للصلاتين، وإن كان يشكل على هذا قول راوي الأثر وهب بن كيسان (ولم يصل يومئذ الجمعة) إلا أن وصفه للصلاة التي فعلها ابن الزبير من تقديم الخطبة على الصلاة (ثم خرج فخطب، فأطال الخطبة، ثم نزل فصلى) أقوى دلالة من فهمه على أنها ليست بصلاة جمعة.

وإن كان التي صلاها ابن الزبير جمعة فلا إشكال في إسقاط الظهر عند كافة العلماء، وتقضي على كل نزاع في هذه المسألة.

يقول ابن تيمية في المنتقى بعد أن ساق رواية ابن الزبير (قلت: إنما وجه هذا أنه رأى تقدمة الجمعة قبل الزوال فقدمها واجتزأ بها عن العيد)

ويقول ابن قدامة في المغني (1381): (قال الخطابي: وهذا لا يجوز أن يحمل إلا على قول من يذهب إلى تقديم الجمعة قبل الزوال، فعلى هذا يكون ابن الزبير قد صلى الجمعة فسقط العيد والظهر، ولأن الجمعة إذا سقطت مع تأكدها، فالعيد أولى أن يسقط بها، أما إذا قدم العيد فإنه يحتاج إلى أن يصلي الظهر في وقتها إذا لم يصل الجمعة)

(تنبيه):

من يحتج بفهمه لأثر ابن الزبير عن عطاء أنه لم يصل الظهر، يلزمه قول عطاء (فصلينا وحدانا) أنه فهم أن الظهر لم تسقط عنهم بدليل أنهم صلوها فرادى ولم ينكر ذلك ابن عباس ولا ابن الزبير، والجلي مقدّمٌ على المبهم، ويتبيّن أن الظهر لا تسقط بالعيد.

الراجح:

وبهذا يترجح أن صلاة الظهر لا تسقط عن من حضر العيد وترخص للجمعة لعدم ثبوت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن صحابي واحد من صحابته، وغاية من قال بذلك إما: يتعلق بما فهم من أثر ابن الزبير أنه ترك فرض الظهر في حين أن ابن الزبير إما صلاها في بيته على الأصل وإما صلى صلاة جمعة- وهو الأقرب عندي، أو يتعلق بلفظ الإجزاء الذي هو من المتشابه الذي لابد أن يُردّ إلى المحكم، لكي لا تضطرب الأصول وتتفرق الأبدان والعقول.

قال ابن عبد البر في (التمهيد) (10/ 270 - 271): (وأما القول ... أن الجمعة تسقط بالعيد ولا تصلى ظهراً و لا جمعة، قول بيِّن الفساد، وظاهر الخطأ، متروك مهجور، ولا يُعرّج عليه، لأن الله عز وجل يقول: ? إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ? ولم يخص يوم العيد من غيره، وأما الآثار المرفوعة في ذلك فليس فيها بيان سقوط الجمعة والظهر، ولكن فيها الرخصة في التخلف عن شهود الجمعة، وهذا محمول عند أهل العلم على وجهين: أحدهما: أن تسقط الجمعة عن أهل المصر وغيرهم، ويصلون ظهراً، والأخر: أن الرخصة إنما وردت في ذلك لأهل البادية، ومن لا تجب عليه الجمعة .. ) اهـ

وبهذا يتبين أن إسقاط فريضة من أعظم الفرائض في هذا الدين بشبهة دليل لهو أمر خطير ينبغي أن يتنبه له من يقول به لاسيما وأن هذا الأمر –أي ترك الجمعة والظهر لمن صلى العيد- مما تعم به البلوى وتتوفر الدواعي على نقله، ولم يشتهر في عهده -صلى الله عليه وسلم- ولا في عهد خلفائه الراشدين المهديين. وفّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، والحمد لله رب العالمين وصلّى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه العبد الفقير إلى الله أبو عبدالله عابد بن عبدالله السعدون.

الرياض، ت: 0505824106


للمزيد .. ثلاث مسائل فقهية في أحكام العيدين .. لأبي حفص الجزائري
http://www.saaid.net/mktarat/eid/43.htm

الرابط: http://www.saaid.net/mktarat/eid/42.htm

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[15 - 12 - 07, 11:33 ص]ـ
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير