تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل يجوز توزيع ثمن الماء على الشقق بالتساوي؟]

ـ[ابو سارة الغائب]ــــــــ[02 - 01 - 08, 12:44 ص]ـ

ندوة حوار الأربعاء بعنوان:

[هل يجوز توزيع ثمن الماء على الشقق بالتساوي؟]

يعرضه: د. رفيق يونس المصري

مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي

جامعة الملك عبدالعزيز - جدة

الأربعاء

4/ 11/1428هـ = 14/ 11/2007م

المستخلص

قال لي: أنا أسكن في عمارة فيها عدد كبير من الشقق، شقة قد يسكن فيها شخصان فقط، وأخرى قد يكون فيها عدد كبير من الأشخاص ربما يبلغ عشرين شخصًا، فيهم الأجداد والأحفاد وأزواجهم وأولادهم وخدمهم. وبالنظر لشح المياه في جدة هذه الأيام، تولى حارس العمارة مع إمام المسجد، ولا ندري بإشراف صاحب العمارة أو بغير إشرافه، شراء المياه ونقلها وتفريغها. وصار الحارس يطلب شهريًا من كل مستأجر مبلغ 50 ريالاً، وبعد شهر ارتفع المبلغ إلى 100 ريال، ويقبضه الحارس من المستأجر بدون إيصال، وكلما نفدت المبالغ المجموعة من الشقق، وسرعان ما تنفد، قام الحارس بجمع مبالغ أخرى، تزداد شيئًا فشيئًا، بمرور الأيام. فهل يجوز أن توزع المبالغ بصورة متساوية بين الشقق، مع أن كمية الاستهلاك متفاوتة بينها تفاوتًا جوهريًا؟

جوابي أنه لا يجوز، بل يجب توزيع كلفة المياه بشكل عادل بين الشقق، إما عن طريق تركيب عداد ماء لكل شقة، أو بإيجاد معيار عادل أو قريب من العدل لهذا التوزيع، ريثما يتم تركيب هذه العدادات، كأن يؤخذ من كل شقة مبلغ على حسب عدد الرؤوس فيها، بمن في ذلك الخدم. ولا يجوز أن يلجأ صاحب العمارة إلى ضم كلفة المياه إلى مبلغ الإيجار إلا على أساس عادل. والأدلة على ذلك ما يلي:

- هل يعقل أن يشتري شخص شيئًا، ويطلب من غيره أن يدفع عنه ثمن السلعة، بدون رضًا منه؟ أليس هذا من باب المخاتلة وأكل المال بالباطل؟

- هل يدفع شخص عن شخص كلفة ما، والشخص المستفيد غير محتاج؟ أليس في هذا إجحاف بالشخص الدافع، ومنة على الشخص المدفوع عنه، وهو غير فقير؟

- وحتى لو كان المستفيد فقيرًا فإنه لا يجبر أحد على مساعدته إلا على أساس الصدقة الواجبة (الزكاة) أو الصدقة النافلة، ولابد من رضا الدافع في كلتا الحالتين، لأن المزكي قد يؤثر دفع صدقته إلى شخص آخر.

- كيف يرضى المستأجرون من أصحاب الأعداد الكبيرة في الشقة أن يدفع عنهم جيرانهم من أصحاب الأعداد الصغيرة؟ كيف يقبلون هذه المنة وهم غير محتاجين؟ كيف يسكتون وهم مسلمون، يصلون الصلوات الخمس جماعة في المسجد، ويحجون ويعتمرون؟ أم أن المسألة مسألة نصب واحتيال وابتزاز؟ قال الحسين بن علي رضي الله عنهما:" الناس عبيد المال، والدين على ألسنتهم لغو"، والمقصود: أكثر الناس، فهذا من باب إطلاق الكل على الأكثر. إن هذه الطريقة الجائرة في تحميل التكاليف لابد وأن تؤدي إلى النزاع والشجار والتباغض والتقاطع بين الجيران.

- جاء في الحديث أن الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار، نعم، ولكن الماء المقصود هنا هو الماء الطبيعي الذي لا كلفة فيه، كماء البحر أو النهر العام، ويستفيد منه الجميع مجانًا. أما ماء الشرب في أيامنا هذه فهو مورد اقتصادي تبذل في إنتاجه ونقله كلفة، ومن ثم فعلى من يحتاج إليه أن يدفع ثمنه، وليس من المعقول أن يستهلكه شخص، ويدفع ثمنه آخر، أو أن يستهلك شخص منه كميات كبيرة، وآخر كمية صغيرة، فيتحمل الاثنان مجموع الكلفتين بالتساوي. وإذا استوى الأغنياء والفقراء في ثمن السلعة، وغضضنا النظر عن ذلك، إلا أنه ليس من المعقول أن يدفع الفقراء عن الأغنياء ثمنها كله أو بعضه.

- حتى ولو كان هناك عرف في مجتمع معين، فإن هذا العرف إذا كان يخالف مبادئ الشرع ومبادئ العدل والإنصاف فلا يمكن الاحتجاج به، ويجب إبطاله والتخلي عنه فورًا. فالأعراف تتغير، وإذا كان العرف الحالي مستندًا على أساس تفاهة سعر الماء في الماضي، فإن هذا العرف لابد وأن يتغير مع تغير سعر الماء بالارتفاع في الوقت الحاضر.

- جاء في الحديث أن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قلَّ طعام عيالهم في المدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم (متفق عليه).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير