[صفة صلاة العيد.]
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 12 - 07, 10:45 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صلاة العيد قبل الخطبة:
اتفق أهل العلم في أنّ السنة في صلاة العيدين أنّ الصلاة قبل الخطبة، فعن عبد الله بن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في الأضحى والفطر، ثم يخطب بعد الصلاة [1].
وعنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة [2].
وعن عطاء: أنّ ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير في أول ما بويع له: (إنّه لم يكن يؤذن بالصلاة يوم الفطر، وإنما الخطبة بعد الصلاة) [3].
وقد قُدِّمت الخطبة على الصلاة في صلاة العيدين زمن بني أمية.
وسبب ذلك فيما يحكى أنّهم أحدثوا في الخطبة لعن من لا يجوز لعنه، فكان الناس إذا كملت الصلاة انصرفوا وتركوهم، فقدّموا الخطبتين؛ ولذلك لمَّا أنكر أبو سعيد على مروان بن الحكم والي معاوية على المدينة تقديمه الخطبة على الصلاة، قال له مروان: "إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها قبل الصلاة" [4].
ولهذا ذهب جمع من أهل العلم إلى أنّ أول من قدّم الخطبة على الصلاة: مروان بن الحكم [5].
وقيل: إن أوّل من فعل ذلك عثمان رضي الله عنه [6].
وقيل: معاوية [7].
وقيل: زياد بالبصرة في خلافة معاوية [8].
وقيل: فعله ابن الزبير في آخر أيامه [9].
ثم وقع الإجماع على خلاف ذلك والرجوع إلى فعله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه. والله أعلم [10].
صفة الصلاة:
صلاة العيد ركعتان يكبر الإمام في الأولى بعد تكبيرة الإحرام سبع تكبيرات، ويكبر في الثانية قبل القراءة خمس تكبيرات، يجهر فيهما بالقراءة، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة بسورة ق، وفي الثانية بسورة القمر، أو يقرأ في الأولى بسورة الأعلى، وفي الثانية بسورة الغاشية.
وفي بعض تفاصيل هذه الصفة خلاف بين أهل العلم، إليك تفصيلها في المسائل التالية:
عدد التكبيرات الزوائد في صلاة العيدين:
اتفق أهل العلم على أنّ في صلاة العيدين تكبيرات زوائد، ثم اختلفوا بعد ذلك في عددها على أقوال ثلاثة:
القول الأول: إنّ عدد التكبيرات ثلاثٌ بعد تكبيرة الإحرام، وثلاث في الركعة الثانية بعد القراءة قبل تكبيرة الركوع. وهو قول الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد [11].
القول الثاني: إنّ عدد التكبيرات سبع في الأولى مع تكبيرة الإحرام، وستًا في الثانية مع تكبيرة القيام. وهو قول مالك، ومذهب والحنابلة، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم [12].
القول الثالث: إنّ عدد التكبيرات سبع في الأولى بعد تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمسًا بعد تكبيرة القيام. وهو قول الشافعية، واختارها ابن عبد البر، وابن حزم [13].
أدلة القول الأول: استدلوا بما روي عن ابن مسعود أنّه قال: (يكبِّر أربعًا ثم يقرأ، ثم يكبِّر فيركع، ثم يقوم في الثانية فيقرأ، ثم يكبِّر أربعًا بعد القراءة) [14]. وروي مثله عن ابن عباس [15].
أدلة القول الثاني: ما رواه مالك عن ابن عمر عن أبي هريرة أنّه قال: شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخرة خمسًا قبل القراءة [16]. قال مالك: "وهو الأمر عندنا".
وعليه جرى عمل أهل المدينة [17].
وبما روته عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى، في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية: خمسًا، سوى تكبيرتي الركوع [18].
أدلة القول الثالث: استدلوا بنفس أدلة القول الثاني. ووجهه عندهم: أنّ الراوي إنّما حكى التكبيرات التي لم تُعْهَد، وليست في غيره، فلم يحك تكبيرة الإحرام، ولا تكبيرة الرفع من السجود.
الترجيح: والذي يظهر – والله أعلم – أنّ الكلّ جائزٌ، وأنّ الأمر فيه واسعٌ، قال الإمام أحمد: "اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التكبير، والكلّ جائز" [19]، وإليه ذهب ابن عثيمين رحمه الله [20]، والله أعلم.
فصل: وإذا شك في عدد التكبيرات بنى على الأقل؛ لأنّه المتيقن.
قال ابن قدامة: "وإذا شكّ في عدد التكبيرات؛ بنى على اليقين" [21].
وقال ابن مفلح: "إذا شكّ في عدد التكبير؛ بنى على الأقل" [22].
رفع اليدين في التكبيرات الزوائد:
اختلف أهل العلم في رفع اليدين في تكبيرات العيدين على قولين:
¥