حديث بلال رجاله رجال الصحيح.
قوله: (وبين الجدار) أي جدار المسجد مما يلي القبلة وقد صرح بذلك البخاري في الاعتصام.
قوله: (ممر شاة) بالرفع وكان تامة أو ناقصة والخبر محذوف أو الظرف الخبر وأعربه الكرماني بالنصب على أن الممر خبر كان واسمها نحو قدر المسافة قال: والسياق يدل عليه.
وروى الإسماعيلي من طريق أبي عاصم عن يزيد ابن أبي عبيد عن سلمة: (كان المنبر على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ليس بينه وبين حائط القبلة إلا قدر ما تمر العنز) وأصله في البخاري. قال ابن بطال: هذا أقل ما يكون بين المصلي وسترته يعني قدر ممر الشاة. وقيل أقل ذلك ثلاثة أذرع لحديث ابن عمر عن بلال الذي أشار إليه المصنف. ولفظه في البخاري عن نافع أن عبد اللَّه (كان إذا دخل الكعبة مشى قبل وجهه حين يدخل وجعل الباب قبل ظهره فمشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريب من ثلاثة أذرع صلى يتوخى المكان الذي أخبره به بلال أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلى فيه) وجمع الداودي بأن أقله ممر الشاة وأكثره ثلاثة أذرع.
وجمع بعضهم بأن ممر الشاة في حال القيام والثلاثة الأذرع في حال الركوع والسجود كذا قال ابن رسلان. والظاهر أن الأمر بالعكس قال ابن الصلاح: قدروا ممر الشاة بثلاثة أذرع. قال الحافظ: ولا يخفى ما فيه. قال ابن رسلان: وثلث ذراع أقرب إلى المعنى من ثلاثة أذرع. قال البغوي: استحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجود وكذلك بين الصفوف اهـ.
5 - وعن طلحة بن عبيد اللَّه قال: (كنا نصلي والدواب تمر بين أيدينا فذكرنا ذلك للنبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم فقال: مثل مؤخرة الرحل يكون بين يدي أحدكم ثم لا يضره ما مر بين يديه).
رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.
قوله: (مثل مؤخرة الرحل) قد تقدم ضبطه وتفسيره.
قوله: (بين يدي أحدكم) هذا مطلق والأحاديث التي فيها التقدير بممر الشاة وبثلاثة أذرع مقيدة لذلك.
قوله: (ثم لا يضر ما مر بين يديه) لأنه قد فعل المشروع من الإعلام بأنه يصلي والمراد بقوله لا يضره الضرر الراجع إلى نقصان صلاة المصلي. وفيه إشعار بأنه لا ينقص من صلاة من اتخذ سترة لمرور من مر بين يديه شيء وحصول النقصان إن لم يتخذ ذلك سيأتي الكلام فيه وقد قيد بما إذا كان منفردًا أو إمامًا وأما إذا كان مؤتمًا فسترة الإمام سترة له.
وقد بوب البخاري وأبو داود لذلك وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس مرفوعًا: (سترة الإمام سترة لمن خلفه) وفي إسناده سويد بن عاصم وقد تفرد به وهو ضعيف. وأخرج نحوه عبد الرزاق عن ابن عمر موقوفًا عليه. وروى عبد الرزاق التفرقة بين من يصلي إلى سترة أو إلى غير سترة عن عمر لأن الذي يصلي إلى غير سترة مقصر بتركها لا سيما إن صلى إلى شارع المشاة.
6 - وعن أبي هريرة عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أنه قال: (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخط خطًا ولا يضره ما مر بين يديه).
رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
الحديث أخرجه أيضًا ابن حبان وصححه والبيهقي وصححه أحمد وابن المديني فيما نقله ابن عبد البر في الاستذكار وأشار إلى ضعفه سفيان بن عيينة والشافعي والبغوي وغيرهم. قال الحافظ: وأورده ابن الصلاح مثالًا للمضطرب ونوزع في ذلك. قال في بلوغ المرام: ولم يصب من زعم أنه مضطرب بل حسن.
قوله: (فليجعل تلقاء وجهه شيئًا) فيه أن السترة لا تختص بنوع بل بكل شيء ينصبه المصلي تلقاء وجهه يحصل به الامتثال كما تقدم.
قوله: (فلينصب) بكسر الصاد أي يرفع أو يقيم.
قوله: (عصا) ظاهره عدم الفرق بين الرقيقة والغليظة ويدل على ذلك قوله صلى اللَّه عليه وسلم: (استتروا في صلاتكم ولو بسهم) الحديث المتقدم. وقوله صلى اللَّه عليه وسلم: (يجزئ من السترة قدر مؤخرة الرحل ولو بدقة شعرة) أخرجه الحاكم وقال على شرطهما.
قوله: (فإن لم يكن معه عصا) هكذا لفظ أبي داود وابن حبان. ولفظ ابن ماجه: (فإن لم يجد).
¥