قوله: (فليخط) هذا لفظ ابن ماجه. ولفظ أبي داود: (فليخطط) وصفة الخط ما ذكره أبو داود في سننه قال: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن وصف الخط غير مرة فقال هكذا عرضًا مثل الهلال وسمعت مسددًا قال بل الخط بالطول اهـ فاختار أحمد أن يكون مقوسًا كالمحراب ويصلي إليه كما يصلي في المحراب واختار مسدد أن يكون مستقيمًا من بين يديه إلى القبلة قال النووي في كيفيته: المختار ما قاله الشيخ أبو إسحاق إنه إلى القبلة لقوله في الحديث: (تلقاء وجهه) واختار في التهذيب أن يكون من المشرق إلى المغرب ولم ير مالك ولا عامة الفقهاء الخط كذا قال القاضي عياض واعتذروا عن الحديث بأنه ضعيف مضطرب وقالوا الغرض الإعلام وهو لا يحصل بالخط. واختلف قول الشافعي فروي عنه استحبابه وروي عنه عدم ذلك. وقال جمهور أصحابه باستحبابه.
قوله: (ولا يضر ما مر بين يديه) لفظ أبي داود: (ثم لا يضره ما مر أمامه) ولفظ ابن حبان: (من مر أمامه) وقد تقدم الكلام على هذا.
7 - وعن المقداد بن الأسود أنه قال: (ما رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلى إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيسر أو الأيمن ولا يصمد له صمدًا).
8 - وعن ابن عباس: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلى في فضاء ليس بين يديه شيء).
رواهما أحمد وأبو داود.
الحديث الأول في إسناده أبو عبيدة الوليد بن كامل البجلي الشامي قال المنذري: وفيه مقال. وقال في التقريب: لين الحديث.
والحديث الثاني أخرجه أيضًا النسائي قال المنذري: وذكر بعضهم أن في إسناده مقالًا.
قوله: (إلى عود) هو واحد العيدان.
قوله: (ولا عمود) هو واحد العمد.
قوله: (الأيسر أو الأيمن) قال ابن رسلان: ولعل الأيمن أولى ولهذا بدأ به في الحديث يعني في رواية أبي داود وعكس ذلك المصنف ولعلها رواية أحمد ويكفي في دعوى الأولوية حديث (أنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله).
وفي الحديث استحباب أن تكون السترة على جهة اليمين أو اليسار.
قوله: (ولا يصمد) بفتح أوله وضم ثالثه والصمد في اللغة القصد يقال اصمد صمد فلان أي أقصد قصده أي لا يجعله قصده الذي يصلي إليه تلقاء وجهه.
قوله: (صلى في فضاء ليس بين يديه شيء) فيه دليل على أن اتخاذ السترة غير واجب فيكون قرينة لصرف الأوامر إلى الندب ولكنه قد تقرر في الأصول أن فعله صلى اللَّه عليه وآله وسلم لا يعارض القول الخاص بنا وتلك الأوامر السابقة خاصة بالأمة فلا يصلح هذا الفعل أن يكون قرينة لصرفها.
[فائدة] اعلم أن ظاهر أحاديث الباب عدم الفرق بين الصحاري والعمران وهو الذي ثبت عنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم من اتخاذه السترة سواء كان في الفضاء أو في غيره وحديث أنه كان بين مصلاه وبين الجدار ممر شاة ظاهر أن المراد في مصلاه في مسجده لأن الإضافة للعهد وكذلك حديث صلاته في الكعبة المتقدم فلا وجه لتقييد مشروعية السترة بالفضاء.
باب دفع المار وما عليه من الإثم والرخصة في ذلك للطائفين بالبيت
1 - عن ابن عمر: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين).
رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.
2 - وعن أبي سعيد قال: (سمعت النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان).
رواه الجماعة إلا الترمذي وابن ماجه.
قوله: (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع) هذا مطلق مقيد بما في حديث أبي سعيد من قوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره) فلا يجوز الدفع والمقاتلة إلا لمن كان له ستر. قال النووي: واتفقوا على أن هذا كله لمن لم يفرط في صلاته بل احتاط وصلى إلى سترة أو في مكان يأمن المرور بين يديه.
قوله: (فلا يدع أحدًا يمر بين يديه) ظاهر النهي التحريم.
قوله: (فإن أبى فليقاتله) وفيه أنه يدافعه أولًا بما دون القتل فيبدأ بأسهل الوجوه ثم ينتقل إلى الأشد فالأشد إلى حد القتل.
¥