تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإيمان لغة هو الإقرار قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ((أكثر أهل العلم يقولون إن الإيمان في اللغة التصديق، ولكن في هذا نظر! لأن الكلمة إذا كانت بمعنى الكلمة؛ فإنها تتعدى بتعديها، ومعلوم أن التصديق يتعدى بنفسه، والإيمان لا يتعدى بنفسه؛ فنقول مثلاً: صدقته، ولا تقول آمنته! بل تقول: آمنت به، أو آمنت له فلا يمكن أن نفسر فعلاً لازماً لا يتعدى إلا بحرف الجر بفعل متعد ينصب المفعول به بنفسه، ثم إن كلمة (صدقت) لا تعطي معنى كلمة (آمنت) فإن (آمنت) تدل على طمأنينة بخبره أكثر من (صدقت) ولهذا؛ لو فسر (الإيمان) بـ (الإقرار) لكان أجود؛ فنقول: الإيمان: الإقرار، ولا إقرار إلا بتصديق، فتقول أقر به، كما تقول: آمن به، وأقر له كما تقول: آمن له)).

وشرعا هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعات و ينقص بالعصيان قال تَعَالَى (وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) الكهف13 , وقال سبحانه وتَعَالَى (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا) المدثر31 , وَقَالَ الله تَعَالَى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) المائدة3 , ومن هذا التعريف يتضح أن الإيمان قول وعمل , قول قلب وقول اللسان وعمل قلب وعمل جوارح , و هو بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق , قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ) مسلم , أما قول القلب فهو الاعتقاد والتصديق، فلابد من تصديق الرسل عليهم الصلاة والسلام فيما أخبروا به، فإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء , وأما أعمال القلب: فهي كثيرة منها الإخلاص، والحب، والخوف، والرجاء، والتعظيم، و الإنقياد، والتوكل وغيرها من أعمال القلوب فإذا زال عمل القلب مع اعتقاد التصديق، فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب , وأما قول اللسان فهو النطق بالشهادتين والإقرار بلوازمهما , وهو شرط لصحة الإيمان , فمن لم يصدق بلسانه مع القدرة، لا يسمى مؤمناً، كما اتفق على ذلك سلف الأمة , وأما عمل الجوارح فهو العمل الذي يؤدى بها , مثل الصلاة، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فكما يجب على الخلق أن يصدقوا الرسل عليهم السلام فيما أخبروا، فعليهم أن يطيعوهم فيما أمروا فلا يتحقق الإيمان بالرسول مع ترك الطاعة بالكلية وأعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب، ولازمة لها فالقلب إذا كان فيه معرفة وإرادة، سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، ولا يمكن أن يختلف البدن عما يريده القلب، ولهذا قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ألَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ) متفق عيه , فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً، لزم بالضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر، والعمل بالإيمان المطلق، فالظاهر تابع للباطن لازم له، متى صلح الباطن، صلح الظاهر، وإذا فسد، فسد , وعلى هذا فإنه يمتنع أن يكون الشخص مؤمناً بالله تعالى، مقراً بالفرائض، ومع ذلك فهو تارك لتلك الطاعات، ممتنع عن فعلها.

وملخصه هو جميع الطاعات الباطنة والظاهرة , الباطنة: كأعمال القلب، وهي تصديق القلب وإقراره , و الظاهرة: أفعال البدن من الواجبات والمندوبات , ويجب أن يتبع ذلك كله قول اللسان، وعمل الجوارح والأركان، ولا يجزيء واحد من الثلاث إلا بالآخر؛ لأن أعمال الجوارح داخلة في مسمى الإيمان، وجزء منه.

فمسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة؛ كما أجمع عليه أئمتهم وعلماؤهم، هو:تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير