أي: أن مسمى الإيمان يطلق عند أهل السنة والجماعة على ثلاث خصال مجتمعة، لا يجزيء أحدهما عن الآخر، وهذه الأمور الثلاثة جامعة لدين الإسلام: (اعتقاد القلب، إقرار اللسان، عمل الجوارح).
وبعبارة أخرى عندهم:
قول القلب، وقول اللسان.
عمل القلب، وعمل الجوارح.
فقول القلب: هو معرفته للحق، واعتقاده، وتصديقه، وإقراره، وإيقانه به؛ وهو ما عقد عليه القلب، وتمسك به، ولم يتردد فيه.
و قول اللسان: إقراره والتزامه. أي: النطق بالشهادتين، والإقرار بلوازمها.
و عمل القلب: نيته، وتسليمه، وإخلاصه، وإذعانه، وخضوعه، وإنقياده، والتزامه، وإقباله إلى الله تعالى، وتوكله عليه – سبحانه – ورجاؤه، وخشيته، وتعظيمه، وحبه وإرادته.
عمل الجوارح: أي فعل المأمورات والواجبات، وترك المنهيات والمحرمات.
فعمل اللسان: ما لا يؤدى إلا به؛ كتلاوة القرآن، وسائر الأذكار؛ من التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والدعاء، والاستغفار، والدعوة إلى الله تعالى، وتعليم الناس الخير، وغير ذلك من الأعمال التي تؤدى باللسان؛ فهذا كله من الإيمان.
وعمل الجوارح: مثل الصلاة، والقيام، والركوع، والسجود، والصيام، والصدقات، والمشي في مرضاة الله تعالى؛ كنقل الخطا إلى المساجد، والحج، والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من أعمال شعب الإيمان.
باب في زيادة الإيمان و نقصانه
س2) هل يزيد الإيمان وينقص؟
من عقيدة السلف الصالح التي أجمعوا عليها أن الإيمان يزيد وينقص، وأهله يتفاضلون فيه.
وقد وردت أدلة كثيرة من الآيات والأحاديث، ومن أئمة السلف الصالح على أن الإيمان درجات وشعب، يزيد وينقص.
الإيمان يزيد بأعمال القلب والجوارح وبقول اللسان؛ كالطاعات والعبادات؛ من التصديق والمعرفة والعلم، وذكر الله تعالى، والحب والبغض في الله، والخوف والرجاء من الله، والتوكل على الله .. الخ، والقيام بجميع شعائر الدين من الأعمال الصالحة.
الإيمان ينقص: بأعمال القلب والجوارح وبقول اللسان؛ كفعل المعاصي والمنكرات، وارتكاب الذنوب والكبائر، والأقوال والأفعال الرديئة، وبغفلة القلب ونسيان ذكر الله تعالى، وبالحسد، والكبر، والعجب، والرياء والسمعة، والجهل، والإعراض، والتعلق بالدنيا، وقرناء السوء، وجميع الأعمال الطالحة، وأن أهل الإيمان يتفاضلون في إيمانهم على حسب علمهم وعملهم؛ فبعضهم أكمل إيمانا من بعض.
قال الله تعالى (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا) سورة المدثر31، وقال: (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) سورة التوبة124، وقال: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) سورة الأنفال2، وقال: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِم) سورة الفتح4
ومن الأدلة على نقصان الإيمان، قول الله تعالى في المنافقين (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) سورة آل عمران173.
مراتب الإيمان
س3) - ما هي مراتب الإيمان؟
مراتب الإيمان عند أهل السنة والجماعة هي:
المرتبة الأولى:- (أصل الإيمان)، ويسمى أيضاً (الإيمان المجمل) أو (مطلق الإيمان).
وهذه المرتبة من الإيمان غير قابلة للنقصان؛ لأنها حد الإسلام، والفاصل بين الإيمان والكفر، وهذا النوع واجب على كل من دخل دائرة الإيمان، وشرط في صحته، وبه تثبت الأحكام الشرعية؛ لأن اسم الإيمان وحكمه يشمل كل من دخل فيه، وإن لم يستكمله، ولكن معه الحد الأدنى منه، هو ما يصح به إسلامه، ومرتكب الكبائر داخل في هذا المعنى، والمنفي عنه ليس اسم الإيمان والدخول فيه، وإنما المنفي هو حقيقته وكماله الواجب؛ فهو لا يسلب مطلق الإيمان، أي أصله، ولا يعطى الإيمان المطلق التام.
¥