الدعاء ينقسم إلى قسمين: الأول: دعاء عبادة، مثل الصوم، والصلاة، وغير ذلك من العبادات، فإذا صلى الإنسان أو صام، فقد دعا ربه بلسان الحال أن يغفر له، وأن يجيره من عذابه، وأن يعطيه من نواله، وهذا في أصل الصلاة، كما أنها تتضمن الدعاء بلسان المقال، ويدل على هذا القسم قوله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) غافر60 , فجعل الدعاء عبادة، وهذا القسم يكون الشرك فيه كله، فمن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله، فقد كفر كفراً مخرجاً له عن الملة، فلو ركع لإنسان أو سجد لشيء يعظمه كتعظيم الله في هذا الركوع أو السجود، لكان مشركاً , والثاني: دعاء المسألة، فهذا ليس كله شركاً، بل فيه تفصيل، فإن كان المخلوق قادراً على ذلك، فليس بشرك، كقوله: اسقني ماء لمن يستطيع ذلك. قال صلى الله عليه وسلم (من دعاكم فأجيبوه) صححه الألباني، وقال تعالى (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه) النساء8 , فإذا مد الفقير يده، وقال: ارزقني، أي: اعطني، فليس بشرك، كما قال تعالى (فارزقوهم منه)، وأما إن دعا المخلوق بما لا يقدر عليه إلا الله، فإن دعوته شرك مخرج عن الملة.
الخوف
س9) عرف الخوف؟
الخوف هو الذعر وهو انفعال يحصل بتوقع ما فيه هلاك أو ضرر أو أذى، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن خوف أولياء الشيطان وأمر بخوفه وحده.
باب في أنواع الخوف
س10) ما هي أنواع الخوف؟
للخوف ثلاثة أنواع هي: النوع الأول - خوف العبادة والتذلل والتعظيم والخضوع، وهو ما يسمى بخوف السر وهذا لا يصلح إلا لله سبحانه، فمن أشرك فيه مع الله غيره، فهو مشرك شركاً أكبر، وذلك مثل: مَن يخاف من الأصنام أو الأموات، أو من يزعمونهم أولياء ويعتقدون نفعهم وضرهم؛ كما يفعله بعض عباد القبور , يخاف من صاحب القبر أكثر مما يخاف الله , قال تعالى (فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) آل عمران175 , فهذا النوع من الخوف لا يكون إلا لله ومن صرفه لغير الله فهو مشرك شركاً أكبر ,أما النوع الثاني - وهو الخوف المحرم وهو أن يخاف من مخلوق بامتثال واجب أو البعد عن محرم مما أوجبه الله أو حرمه، يخاف من مخلوق في أداء فرض من فرائض الله، يخاف من مخلوق في أداء واجب من الواجبات؛ لا يصلي خوفا من مخلوق، لا يحضر الجماعة خوفا من ذم المخلوق له أو استنقاصه له، فهذا محرم، قال بعض العلماء: وهذا من أنواع الشرك. يترك الأمر والنهي الواجب بشرطه خوفا من ذم الناس أو من ترك مدحهم له أومن وصمهم بأشياء، فهذا خوف رجع على الخائف بترك أمر الله , وهذا محرم، لأن الوسيلة إلى المحرم محرمة , والنوع الثالث الخوف الطبيعي والجبلي كالخوف من عدو أو خوف من سَبُع, أو خوف من نار، أو خوف من مؤذي ومهلك ونحو ذلك؛ فهذا في الأصل مباح، لقوله تعالى عن موسى (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ) القصص21، وقوله عنه أيضاً (رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ) القصص33.
باب في الخوف المحمود و الخوف المذموم
س11) ما هو الخوف المحمود و الخوف المذموم؟
الخوف من الله تعالى يكون محموداً , ويكون غير محمود , فالمحمود ما كان يحول بينك وبين معصية الله تعالى بحيث يحملك على فعل واجباته وترك محرماته , وأما غير المحمود فهو ما يحملك على اليأس من روح الله والقنوط من رحمته لأنه (لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف87.
الرجاء
س12) ما تعريف الرجاء؟
الرجاء هو طمع الإنسان في أمر قريب المنال، وقد يكون في بعيد المنال تنزيلاً له منزلة القريب , والرجاء المتضمن للذل والخضوع لا يكون إلا لله عز وجل وصرفه لغير الله تعالى شرك إما أصغر، وإما أكبر بحسب ما يقوم بقلب الراجي قال سبحانه و تعالى (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) الكهف110.
باب في أن الرجاء بلا عمل مذموم
س13) متى يكون الرجاء محموداً و متى يكون مذموما؟
¥